كُتاب الرأي

السعودية في قلب الجهود الدولية للاعتراف بدولة فلسطين

 

علي بن عيضة المالكي

السعودية في قلب الجهود الدولية للاعتراف بدولة فلسطين

 

وسط تقلبات المشهد الدولي وتعقيدات النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، برزت المملكة العربية السعودية كلاعب محوري في حشد التأييد الدولي لإعلان نيويورك، الذي يمثل خطوة هامة نحو الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة.

 لم تقتصر الجهود السعودية على كلمات الدعم، لكنها امتدت إلى تنسيق الرؤى العربية والدولية، وتعزيز الإجماع على حل الدولتين كأساس للسلام العادل والدائم.

 هذا الدور يضع السعودية في قلب مسار دبلوماسي حساس، حيث يلعب التكتل الدولي دور الجسر بين الرغبة في السلام والواقع الميداني المعقد.

ولم يكن إعلان نيويورك حدثًا مفاجئًا، إنما ثمرة جهود دبلوماسية محكمة قادتها السعودية بالتعاون مع دول صديقة، أبرزها فرنسا، لتجميع أكبر عدد ممكن من التأييد العالمي.

شملت هذه الجهود تنسيق مواقف الدول العربية والأوروبية، وتعزيز الدعم السياسي والإنساني للقضية الفلسطينية، بما يخلق أرضية صلبة لاعتماد الإعلان.

كما ركز التجمع الذي دعت إليه السعودية في تسليط الضوء على الحقوق الفلسطينية وفق القانون الدولي، مؤكداً أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، تمثل السبيل الأنجع لتحقيق سلام عادل ومستقر.

الجهود السعودية ساهمت في تحقيق إجماع واسع داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث حظي الإعلان بدعم مئة واثنتين وأربعين دولة، مقابل معارضة محدودة وامتناع بعض الدول عن التصويت. رحبت الدول العربية والإسلامية بالقرار، معتبرة أن الدور السعودي في الحشد الدولي كان حاسمًا في كسر الجمود السياسي الذي طال الأزمة الفلسطينية.

في المقابل، كانت هناك تحفظات من بعض الأطراف، أبرزها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، التي رأت في الإعلان خطوة إعلامية أكثر منها عملية ملموسة. إلا أن الدعم السعودي أعاد تركيز الأنظار على الحق الفلسطيني وضرورة الالتزام بحل الدولتين، ما يعكس قوة الدبلوماسية السعودية وقدرتها على التأثير في التوازنات الدولية.

رغم النجاح الدبلوماسي في استنفار الدعم، يبقى الطريق نحو تحقيق الدولة الفلسطينية غير المقيدة مليئًا بالتحديات، سواء على مستوى الميدان أو في سياق المفاوضات السياسية. ومع ذلك، يظل الدور السعودي نموذجًا واضحًا لكيفية توظيف الحشد الدولي كأداة فعالة وشريفة للتأثير على السياسة العالمية، ولإعادة دفع عملية السلام نحو مسارها الصحيح.

الجهود السعودية، من خلال هذا الدور، تؤكد أن الفاعلية الدبلوماسية لا تأتي من المبادرات الفردية وحدها، غير أنها تحضر من القدرة على تجميع الدعم الدولي وتجمّع الإرادات نحو هدف مشترك.

إعلان نيويورك ليس مجرد وثيقة، بيد أنه علامة فارقة على أن الحشد السياسي والدبلوماسي يمكن أن يفتح أبوابًا مغلقة ويعيد الأمل لشعب طالما انتظر تحقيق العدالة والدولة المستقلة.

في الختام : يظل إعلان نيويورك شاهدًا على أن الإرادة الدولية، حين تُستنفر بحكمة وباستراتيجية واضحة، قادرة على تحويل الصعوبات السياسية إلى فرص للسلام والعدالة. السعودية، بدورها في الاستقطاب والدعم، أثبتت أن العلاقات الدولية ليست مجرد كلمات على الورق، بالتأكيد ليست كلمات إنما فعل يؤثر في مسار التاريخ ويعيد الأمل لشعب طالما حلم بمصير آمن ودولة حرة غير خاضعة للاحتلال.

 إن الطريق نحو فلسطين طليقة سيدة نفسها ما زال طويلاً، لكن هذا الإعلان يمثل خطوة ثابتة نحو المستقبل الذي يستحقه الفلسطينيون، ويؤكد أن التعاون الدولي والتوظيف الحكيم  للحنكة والسياسة يمكن أن يكونا مفتاح الحلول المستدامة في عالم مضطرب.

كاتب رأي

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى