السعودية.. النظام والعدالة

جابر عبدالله الجريدي
السعودية.. النظام والعدالة
كنت في حوار مع نفسي فقط، ما بين حلقة تواصل بين قلبي وعقلي، القلب يتساءل، وصاحب التفكير والوعي يجاوب ويرد بكل صورةٍ واضحة خالية من الغموض والاحتمالات، بحيث إن الحوار دار بينهم بكل شفافية ووضوح.
مصطلحين اثنين لا يستطيع الجواب عنهم إلا المفكرين والطموحين والمبدعين، الأفكار الصحيحة قد تأتي من مجنون، ولكن العقل الواعي وحده فقط من يستوعبها ويدرك أن هناك إخفاء في ظاهرها، فيبحث عنها ويكتشفها، وما سُمي علماء أوروبا إلا (مجانين)، وما قاله العرب في مخطوطاتهم وأقوالهم (خذ الحكمة من أفواه المجانين) دليل على أن درجة الاستيعاب والفهم درجة عالية! ولكن دعونا من فلسفةٍ، ونرجع إلى ما نقصده من المصطلحين الاثنين!
الحديقة والغابة.. وما أدراك ما هي الحديقة والحقيقة، والغابة والغرابة، ما الفرق بين الحديقة والغابة؟
الحديقة فيها الأشجار والنباتات والخضرة، وكذلك الغابة: أشجار، نباتات، وحيوانات، وأشياء كثيرة مشتركة ما بينهن.
الأجمل.. بالطبع وبلا شك أن الحديقة مكانٌ للتنزه والترفيه، والبحث فيه عن راحة البال، والشعور بشيء من السكينة والطمأنينة ما بين أشجارها وأزهارها، وروعة ما فيها من تنظيم وترتيب وتنسيق، تشعر فيها بنسمات الحياة، والغابة مكانٌ تملؤه الأشجار والحيوانات، وفيها الأنهار، ولكنها ليست مكانًا للتنزه والترفيه، وإنما محلٌ للمغامرة والشجاعة والتغلب على الخوف، لأنها تمتاز بالعبثية والمخاطر، فيها الحيوان الأليف والمفترس، أي إنها تبقى تحت فرضية (البقاء للأقوى).
الحديقة أجمل! لأنها رونق من الهندسة والإبداع والتنسيق، يبعث في نفس الإنسان شعورٌ بحياةِ الجمال والراحة، وأما الغابة فقد تسقط فيها تارة، فتلجأ إلى مغارة خوفًا من شدةِ مطر، فتجد فيها وحشًا تتراقط بطنه جوعًا، فتصبح فريسته وطعامه، فحُفَّت أشجار الغابات وأنهارها بالمخاطر، وازّينت بها الحديقة لشعورٍ رائعٍ وسافر!
هل فهمت الفرق بين هذه (الحديقة) وتلك (الغابة)؟ ماذا تعتقد؟ وفي أيهما ستشعر بالسعادة والهناء والاطمئنان؟
طبعًا إن كنت وحشًا ستعجبك طريقة (البقاء للأقوى)، وإن كنت إنسانًا ستذهب إلى مكان يؤنس قلبك ويريحه.
المثال السابق أظنه توضيح واضحٌ في معالمه، أن التنظيم هو الأساس التي تُبنى عليها أساسات الدول، فالدولة التي تجعل النظام والعدالة هي المعيار الفعلي لقوائم فعالياتها، تصبح دولة راقيةً جميلةً يتمنى الكل أن يعيش في واقعها، وأما دولة بلا نظام، مثل غابة البقاء، فالعيش فيها يكون للأقوى، ودولة بلا عدالة كمغارة التجأت إليها خوفًا من شيءٍ ما، فصادفت شيئًا آخر أشد خطرًا مما هربت منه (فلا مجال).
فالمملكة العربية السعودية تتميز بشكلٍ لافت بالنظام والعدالة، ومن ولي العهد محمد بن سلمان وصلت منه رسالةٌ واضحةٌ، يقول فيها: “لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد، سواء كان أميرًا أو وزيرًا، ومن تتوفر ضده الأدلة الكافية سيحاسب”.
المجتمع السعودي يتميز بالنظام والرقي، أمن وأمان وسكينة واستقرار واطمئنان، فور أن تخطو أول خطوة في أراضيها!
يشعر بذلك المسافرون من اليمن إلى السعودية، الفرق الكبير بين وطنٍ كحديقةٍ يرتاح لها البال، ووطنٍ (اليمن) تقاسمته السباع والكلاب، فأصبح وطنًا البقاء فيه للأقوى، حروبٌ وقتلٌ ونهبٌ وسرقةٌ وضياعُ حقٍ، وأكل ما للمسكين، خلا فيه النظام وماتت فيه العدالة فتمزق الوطن!
المملكة العربية السعودية بلادُ نظامٍ وعدالةٍ، نسأل الله أن يديم لهم أمنهم وسكينتهم وراحتهم، وأن يُغدق عليهم الخير من كل مكان، وأن يصلح حالنا، ويرزقنا حكامًا صالحين غير ظالمين ولا مطففين، فيُبنى لنا وطنٌ أساسه النظامُ والعدالة.