كُتاب الرأي

السباحة في خلايا العقول

 

تعد السباحة في الأنسجة الداخلية للعقول واحدة من أصعب المهارات التي يمكن أن تواجه الشخص ، حيث الأنماط السلوكية للإنسان ؛ فالبعض لديه الإصرار والحزم والقوة والإرادة يحب المباشرة في الخطاب هذا النوع متفرد ويحب السيادة والرئاسة ، وآخرين لديهم الحماس والابتكار والإبداع والتفاؤل ويركز في تعبيراته على العاطفة والوجدانية والإبداعية هذا نمط تعبيري ينبغي فهمه وتقبله على طبيعته ، بينما نجد نمط آخر يركز أصحابه على الصبر والتعاون والإصغاء الجيد هذا النمط يتقبل التوجيهات ويحب العمل في بيئة يسودها الود والألفة والتسامح هو شخصية ودودة ولطيفة ، وهناك النمط التحليلي يعشق التحليل والمنطق والدقة لكنه لا يفصح عن عاطفته مهما كانت الأسباب.
الإنسان بطبعه تركيبة معقدة من بين المخلوقات التي خلقها الله سبحانه وتعالى ينبغي فهمه وتقبله واستيعابه بكل مافيه ، هو جوهر نفيس لا يجب التفريط به ، كنز من كنوز الكون ومؤسس حركي لجماليات الحياة ، هذا الكائن العجيب يعتقد الكثير من جنسه أن التعامل معه سهل ويسير ، ولكن الحقيقة أن المتأمل والمتفكر في صنع الله له ، يرى أن التعامل معه يعد مجازفة كبيرة إن لم تبنى على أسس متينة وجليّة .
إنه من أصعب الكائنات وأعقدها على الإطلاق، كونه يتمتع بصفات عالية في المستوى المهاري والفكري ولهذا نجده دائمًا في حركية مستمرة من حيث التفكير وطبيعة التعامل مع من يشابهه ، فتارة تجده في مستوى الوصف ومرات أخرى تشاهده مختلف عما كان عليه من قبل.
ببساطة شديدة يمكن القول أن السباحة في خلايا دماغ هذا الكائن الفريد، تتطلب الكثير من المعرفة والقراءة المستفيضة، والاطلاع وإلى المزيد من الخبرات والتجارب ، ونحن بحاجة شديدة إلى إلمام واسع بأنماط الشخصيات فضلا عن ذلك يجب علينا عمل دراسات مستمرة وإخراج البحوث النوعية والمختلطة، عن طبيعة هذا المخلوق الجميل ، حتى يصبح بمقدورنا التعامل معه على صورة متوازنة تحقق لنا الأهداف، وتحافظ عليه باستثماره في بناء وعمارة الأرض ، وقبلها ترسم لنا ملامح الحياة معه ، بالتالي نستطيع التعايش معه على وجه حسن والمحافظة على كرامته ، ومبادئة، وأخلاقه ، وكسب ثقته.
الواقع ومن خلال التجارب اليومية ، والمواقف التي تواجهنا، نتظاهر بمعرفتنا اتجاهات وحدود المنطق ولكن الحقيقة عكس ذلك ، فالبعض لديه قدرات تفوق حدود المنطق والعقل ، قدرات ذهنية تجعلك في حالة من الذهول! تعيش معها حالة من الدهشة! نظرًا للنمط الذي يعيش فيه هذا المخلوق، إذ أن ما يحدث له من تغيرات فسيولوجية بين الجسم والنفس وما يحصل عليه من تناسق بين ما يحس به ويقوى على تحمله هو تناسق أزلي، الغرض منه الثبات والقدرة على التكيف مع الظروف هذا ما رأه ديكارت، على الجانب الآخر من التغيرات والتأثيرات التي تطرأ على الشخص هي تغيرات سيكولوجية حيث أنها بمثابة الاستجابة السريعة للمؤثرات الخارجية، على سبيل المثال لقد وجدنا التأثير الأقوى على الاتساق بين ما نشعر به وبين ما نمارسه يدفعنا إلى المزيد من القراءات حول أهمية الإغداق في الدراسات السلوكية للإنسان لمعرفة الحاجات التي تدفعه لتغيير نمط التفكير وتبديل بوصلته من السلبي إلى الإيجابي ومن الإيجابية إلى السلبية.
إن الإيقاع الحركي والمفاهيم المكانية،والتعرض لتأثيرات البيئة والمجتمع التي يعيش فيها الفرد هي واحدة من أقوى التأثيرات السيكولوجية التي تشكل شخصية الإنسان وهويته ، ونموه العاطفي والاجتماعي وتطوره المعرفي، كل ذلك يدفعه إلى محاولة الربط بين الثواب والعقاب والرغبة والرهبة والخوف والرجاء والأمل والألم واجترار المزيد من المفاهيم حول صحة ما يفعله وخطأ ما يجب أن يتوقف عنه.
إنها مفاهيم قد تبدو صعبة – أقول قد تبدو صعبة- نظرًا لأن التعاطي البيولوجي مع ما يحدث من تغيرات حسية ، وجمالية ، وروحية ، وانفعالية بعيدة كانت أو قريبة، تشكل نسبة عالية في عمق التفكير وتحاول جاهدة أن تبرز وتظهر في صور وأشكال مقاومة للنشاط العقلي والانفعالي رغم وجودها فيه ، لكنها تظل عنصرًا فعالاً في المقاومة وعدم ظهور تلك الجماليات الآنفة الذكر.
إن الأنشطة العقلية والإنفعالية تسبح في خلايا الدماغ بصورة دائمة ، لكنها تختلف من شخص إلى آخر، هناك من نشاطه العقلي يقاوم الجمال والحس صوريًّا فيأمر بالغلظة واستخدام الخشونة بينما نشاطه الحسي يأمر بالبحث والتقصي عن مواطن الجمال، ويعيشها مع الآخرين على أشكالها الحقيقية، يحب أن يراها محسوسة أمامه لكنه شحيح في إخراجها.
على النقيض منه فإنّ النشاط الإنفعالي عند البعض يوافق الحس والجمال ويطابق الجانب الروحي، وعند هذه النقطة ينبغي الإمساك بنمط الشخص حتى يمكننا التعامل معه.
هي فلسفة بحد ذاتها تدفعنا للمزيد من تحديد الأهداف بواقعية تتوافق مع الطموح والقدرات للوصول إلى الأنسجة الداخلية للفكر متى كانت الرغبة نشطة لإقامة جسر يساعدنا على السباحة داخل الوحدات الأساسية للدماغ.
ومع كل ذلك الجهد الذي نبذله لبناء العلاقات الاجتماعية علينا أن ندرس الأنماط الشخصية والسلوكية للإنسان بعمق مستفيض حتى يقوم التواصل العلاقي على قواعد ثابتة ، ومنهج واضح ،وأسس راسخة حتى نتمكن من تحسينها في كل مرة وبذل المزيد من الطاقة لاستمراريتها والعمل على أن تبقى مستديمة بعيدًا عن الكلفة والمعاناة.
انتهى

علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

‫4 تعليقات

  1. الإنسان خليفة الله في الأرض كائن اختاره الله للعمارة والبناء وكرمه على جميع المخلوقات وفضله لذا ليس بالسهل التعامل معه وفهمه إلا بالعلم والإطلاع ولذا تقام الدراسات وتُعقد البحوث لأجل معرفة أنماط الشخصيات وطُرق التعامل معها، موضوع جمييييل وعلم غزير ومعلومات قيمة وغنية وثرية.. وذلك ديدن أي موضوع ينسجه قلمك أستاذ علي👍 ابدعت فعلاً لاحُرمنا فكرك النير.

  2. لافض فوك أ. علي
    قال الله تعالى ( صنع الله الذي أتقن كل شيء )
    نعم فهم أنماط السلوك المتنوعة هي في غاية الصعوبة علينا نحن فقط كبشر 👍

    بصراحة مقالك رائع ويعكس عمق فهمك لأنماط السلوك البشري .
    لقد تمكنت من تسليط الضوء على التنوع في الشخصيات وكيفية تأثيرها على التواصل والعلاقات .

    أسلوبك في الربط بين الإصرار والابتكار والصبر يضيف بعدا جديدا لفهمنا لأنفسنا وللآخرين .

    أستاذنا المبدع علي نحن نتطلع لقراءة المزيد من أفكارك الملهمة كهذه 👍

    مديرة التحرير✍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى