نادي القصة

(الزاوية اليسرى)

(الزاوية اليسرى)

في تلك الليلة، حين خيّم الصمت على غرفتي، تسللت نظراتي نحو الزاوية اليسرى، فوجدتها هناك…
تجلس القرفصاء، ترتدي ثوبًا رماديًا باهتًا كغبار الذكريات، ووجهها شاحب، مشحونٌ بما لا يُقال.
لم تكن غريبة، بل كانت أنا…
أنا التي تجاهلتها طويلًا، أنا التي أحرقتها في سبيل حب ٍورضاً لم يُمنح لي يومًا بصدق.
نظرت إليّ بحدة، كأنها تقتص منّي بنظراتها، كأني أحمق اختبأ في شرنقة قلبٍ مكسور، مخذول.
هزّت رأسها بأسى، تمتمت بكلمات لم أسمعها، ثم ضربت كفًا بكف، وكأنها تقول:
_”أين من أحرقتني لأجلهم؟
وهل كانوا يستحقون ما فعلته بي؟”
رفعت رأسي نحوها، لكن الدموع كانت أسرع مني، تهطل بلا توقف، كأنها تغسل ما لا يُغسل.
كنا في حالة صدمة، أنا وهي، أو ربما نحن واحد، منقسم على نفسه.
صمتٌ رهيب، عاصف، مؤذٍ…
أواري بصري كلما زاد لومها، أبحث عن أي اتجاه أهرب فيه من خجلي، لكن لا مفر.
هي محقة تمامًا…
هي المسكينة التي أحرقتها من أجل الآخرين..
وأنا… الغبي الذي استحق كل هذا الخذلان، لأنه صدّق أن التضحية وحدها تصنع الحب.

بقلم القاصة / فتحية علي

فتحية علي

كاتبة وقاصة و شاعرة ومشرفة ( قيثارة الالهام )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى