كُتاب الرأي

الرُّبعُ الغالي

       الرُّبعُ  الغالي

تبقى الثروات الطبيعية  حقيقة من  مصادر  القوة الكبيرة  التي أمدها  الله  تعالى   لأي  أمة  من  الأمم  !  فهي تملكها  ، و يجب  عليها الحرص  عليها ، و  تحديدها  بعناية  ! ثم استثمارها  والاستفادة  منها  ، وتحويلها  إلى  كل  ما  ينفعها   ، ويخدمها   ،  ويقويها   في  الدنيا   ، ويجعل  منها قوة  وسلاحاً  لها  !
إن المسطحات البرية  من الصحراوية  والجبلية  والسروية وكذلك المسطحات المائية  البحرية  و النهرية والأودية  كلها  مخازن طبيعية  لجميع  خيرات  الأرض  ،  ويمكن  التوجه  إليها  بالدراسة  والاكتشاف  والاهتمام  ،  وتحديد  ما  يوجد  فيها  من النعم   التي  يمكن الإستفادة  والاستشمار  فيها وبها .
في  إحدى  القنوات  الفضائية المصرية  كان  الحوار والحديث مع  العالم العربي والعالمي  البروفسور  فاروق الباز   وكان الجزء المهم  لنا في هذا  الحوار  الشيق  والرائع    هو  الحديث عن طبيعة  المسطحات  الرملية في كل  بقاع  الأرض   وخصوصاً  في الويات المتحدة الأمريكية  التي أجرى عليها عدد من الدراسات  .
 يقول  البروفسور  الباز : إن المسطحات الكبيرة الرملية هي عبارة عن خرائط طبيعة  تتحدث عن ما  يوجد  تحت  تلك المسطحات   ،  وما  تقوم  بالتغطية   له ؛ فهناك  مسطحات  رملية كبيرة  يمكن  القراءة  والتنبؤ   أن خلفها   أو تحت  تلك  الرمال  مياه  جوفية   عذبة !
وهناك  مسطحات  رملية يمكن  القراءة  والتنبؤ  أن تحتها  مياه  غير   عذبة ،  وهكذا  عن  طريق  قراءة  الرمال   ونوعية التربة  وكذلك  الطرائق والأشكال  للألتواءات  الرملية !
علماء  الأرض  منذ  فترة  ليست بالقصيرة  كانت  لديهم الدراسات  والأبحاث  والصور  في وكالة الفضاء الأميركية ( ناسا )  عن  طبيعة  تلك المسطحات  والمسحات الصحراوية الرملية  ليس  عن  كوكب الأرض الجميل فقط  ؛    وإنما عن  كوكب القمر  ،  عن  طبيعة  الأرض  هناك  ، وعن  إمكانية  العيش والحياة  على سطح  الكوكب .
فالصحاري  والمساحات الترابية   الرملية  وكذلك  الجبلية  هي  مخازن  طبيعية لأرزاق   جديدة  ادّخرها   الله  تعالى  في تلك  الأماكن  لجميع  بني  الإنسان  ، والبحث  والتنقيب  والدراسة  وتكرار  المحاولة   واليقين  بوجود   خيرات  ومقدرات   فيها  يساعد  ويدعم  ويساهم  في تجاوز  كآفة  العقبات والصعوبات والتحديات  التي  تعترض  الطريق .
هناك   إشارات  جميلة وبديعة  في كتاب الله تعالى  العظيم   القرآن الكريم   عن تلك  المخازن  الطبيعة  والثروات   الضخمة   والتي  على  الإنسان  الكيس  الفطن  اللبيب   أن يهتم   بدراستها  والتنقيب  عنها  وفيها   والاستفادة منها   فهو  من  مصادر  الأمن الغذائي  القومي ومن  القوى   الطبيعية   ،  يقول  الله تعالى    :  ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) )   سورة  فاطر  ،
ويقول الله تعالى  :  (  وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ (21) )   سورة الحجر  .
والأصل  في  اكتشاف  النفط   في أجزاء من  الأرض المختلفة  هو  البحث  والتنقيب والدراسة  في المسطحات البرية والمائية عن المياه وعن  الثروات  الطبيعية   الأخرى  الموجودة  في  باطن  الأرض  ، وظهر  النفط  ذلك  المصدر العظيم  في إمداد  البشرية اليوم بالطاقة  وبهذه  المدنية العظيمة والكبيرة.
صحراء  الربع  الخالي( الغالي )  تلك  المسحات  والمسافات الرملية الكبيرة  والضخمة  والتي تختزن  التأريخ والجغرافيا والمستقبل  القادم  هي  خزان كبير  يضم  تحت  تلك  الرمال ربما  مصادر ضخمة من المياه العذبة وكذلك  من الثروات الطبيعية المختلفة  .
ذكرت  صحيفة مكة المكرمة  في عددها  الصادر  يوم الأربعاء 11/ 10 /1446  : ( أن هناك  دراسة علمية حديثة أجرتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، بقيادة أستاذ موارد الطاقة وهندسة البترول في كاوست البروفيسور عبدالقادر العفيفي، وبالتعاون مع عدد من الجامعات والمؤسسات البحثية الدولية، أن صحراء الربع الخالي، أكبر صحراء رملية متصلة في العالم، لم تكن في الماضي كما نعرفها اليوم أرضًا جافة وقاحلة، بل كانت موطنًا لأنظمة بيئية غنية تضم بحيرات عذبة وأنهارًا جارية وأراضي عشبية ومسطحات خضراء، ساعدت على توسع الإنسان في أرجاء شبه الجزيرة العربية ) .
وهذه  يُصدّقُ روايات  كتّاب التأريخ  وكذلك  علماء  الآثار  : أن  قوم  عاد  الذين  بعث الله تعالى  لهم النبي الرسول هود عليه  السلام   وعاصمتهم  العظيمة  الضخمة ( إرم )  كانوا في  منطقة  الربع  الخالي  اليوم  سنوات  طوال  ،  حتى  حلّ  بهم عذاب الله  تعالى بسبب  كفرهم  وكبرهم  وطغيانهم
فأهلكوا بالريح  الصرصر  العاتية ؛  فطمروا   ودفنوا   تحت  تلك  الرمال التي تسمى (   الأحقاف  )  أي  الكثبان   الرملية  الكبيرة  والضخمة والملتوية  كثيرة  الإنحناءات.
إن  تظافر   الجهود والطاقات   والشراكات  ما  بين  هيئة المساحة  الجولوجية   وكآفة  الجامعات السعودية التي فيها كليات أو أقسام  لعلم  الأرض ( الجولوجيا  ) وكذلك  عينات من  مدارس التعليم العام  قد  يساهم  في البحث والتنقيب والدراسة  في  جميع المساحات والمسافات والمسطحات  الرملية والمائية  لدينا  !  واكتشاف  ما يوجد  تحت  تلك  المسطحات البرية والمائية  وكذلك  يساعد في اكتشاف  تلك  المخازن الطبيعة والثروات الضخمة.
فلم   تعد  الصحراء   اليوم  خالية  كما  كنا  نظن  قديماً ! بل كل  الصحاري  اليوم  والمسطحات  المائية  البحرية   كلها  غالية وغالية جداً . ..
حتى  الرُّبعُ ( الخالي )  هو  اليوم  حقيقة الرُّبعُ
  ( الغالي ) .
يقول الشاعر العربي الكبير  عبدالله  البردّوني رحمه الله تعالى رحمة واسعة  :
الأرض أم الناس ميدان الوغى
            والعاجزون فريسة الميدان
والمجد حظ مدرب ومسلح
         والموت حظ الأعزل المتواني
والحق لا تحميه إلا قوة
       غضبى !  كألسنة اللهيب القاني !

المصلح والمستشار الأسري

د. سالم بن رزيق بن عوض

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى