الرأس حقيقة… والعقل سؤال
الرأس حقيقة… والعقل سؤال
الرأس في الجسد حقيقة لا جدال فيها، نلمسها ونراها ونزنها كما نشاء.
لكن السؤال الذي يثير الحيرة: هل العقل مقيم فعلاً بين تلك الجدران العظمية؟ أم أن العقل أوسع من أن يُحتجز في حيزٍ مادي ضيق؟
العقل ليس مجرد مجموعة خلايا عصبية أو نبضات كهربائية تتبادل الإشارات داخل الدماغ؛ بل هو أفقٌ مفتوح من وعي وفكر وخيال وتأمل. الرأس إناءٌ محدود، أما العقل فهو فيضٌ يتجاوز المكان، يسبح في الزمان ويعانق المعاني.
كم من رأس امتلأ بالفراغ، وكم من جسد صغير حمل عقلاً عظيمًا أسس حضارات وغيّر مسار التاريخ.
ليس كل رأس يحوي عقلاً، كما أن وجود العقل لا يُقاس بوزن الدماغ ولا بحجمه، بل بقدرته على التفكير والإبداع والتمييز.
إننا حين نتأمل هذه الحقيقة ندرك أن العقل ليس مجرد عضو، بل هو هبة الله، ذلك السر الذي يرفع الإنسان فوق المادة ويجعله كائنًا مفكراً قادراً على البناء والهدم، على الحلم والاكتشاف، ومن هنا يصبح السؤال مشروعاً: العقل… هل هو نزيل الرأس، أم أنه كائن يتخطى الحدود المادية ليسكن فضاءات أرحب؟
فلنجعل من عقولنا مشاعل لا تنطفئ، تضيء الدروب وتكسر القيود، ولنعلم أن الرأس قد يشيخ ويذبل، أما العقل الحر فهو سرّ الخلود!
إن امتلاك رأس حقيقة، لكن امتلاك عقل حيّ… هو معركة الانتصار الكبرى التي تميز الإنسان.
د. دخيل الله عيضه الحارثي
