كُتاب الرأي

*الدنيا ما تسوى*

 

*الدنيا ما تسوى*

نعم “الدنيا ما تسوى” عبارة نسمعها دائما في الأوساط المجتمعية، لتكون تسليةً روحية وتوجيها لنا في التعامل مع الحياة ولكي نعيش اللحظات بصفائها ونقائها .
ففي زحمة الحياة، والتقلبات في الفعل والحدث، تتزاحم علينا الأحزان والآلام، وتثقل أرواحنا الشكوى، وينخر اليأس قلوبنا بهدوءٍ قاتل. نغرق في التفكير بما مضى، ونقلق على ما لم يأتِ بعد، حتى ننسى أن هناك لحظة حاضرة، نابضة، تنتظرنا لنعيشها.
نعم، “الدنيا ما تسوى” مقولة يرددها الكثير ولا يعي معناها إلا فاهموا الحياة جيدا .
الدنيا ما تسوى أن نضيعها في الحزن، أو أن نهدر أيامنا في ندب الحظ والتأسف على ما لم يكن. فالحياة، مهما طالت، قصيرة. ومهما بدت قاسية، فهي لا تزال تمنحنا فرصًا صغيرة للسعادة، نغفل عنها ونحن مشغولون بالبكاء على أبوابٍ مغلقة.
وتذكر دائمًا: كل ثانية تمر، هي فرصة لتمنح نفسك شيئًا من الفرح.
لحظة تأمل في شروق الشمس، ابتسامة من قلبك، كلمة طيبة لمن تحب، أو حتى فنجان قهوة تشربه بهدوء — هذه تفاصيل صغيرة، لكنها تصنع فرقًا كبيرًا.
الحياة ليست مثالية بالقدر الذي نتصوره تماما ، فكدرها حاضر ، ولن تكون المثالية لكننا نستطيع أن نختار من لحظاتها كيف نعيشها؟
نعرف كيف نسعد أنفسنا وأن نعيش لحظاتنا؟.
بإمكاننا أن نكون أسرى الهموم، أو أن نكون صُنّاع أمل في قلوبنا أولًا، ثم فيمن حولنا.
عِش اللحظة. لا تؤجل الفرح.
لا تنتظر سعادةً كاملة.
ابتكر سعادتك، اصنع الضحكة من داخلك حتى في أبسط الأشياء.
لكي تعيش ..
وكما قال إبراهيم الفقي:
“السعادة لا تُستورد من الخارج، بل تنبع من داخلك.”
ولعظماء العالم أقوالا جميلة:
قال إرنست همنغواي: “الوقت الذي تستمتع بإضاعته، لم يكن مضيعة للوقت.”
ويؤكد غاندي بقوله: “السعادة هي عندما يتوافق ما تفكر فيه، وما تقوله، وما تفعله.”
وقال تولستوي وهو من عمالقة الرواية والأدب الروسي “إذا أردت أن تكون سعيدًا، كن.”
أما جبران خليل جبران فقد لخص فلسفة اللحظة بجمالٍ حين قال:
“أنت لست محبة الأمس، ولا خوف الغد، أنت فقط هذا الآن.”
وبينما نبحث عن السعادة ونفرّ من اليأس، فإن الدين يفتح لنا بابًا واسعًا من الأمل والعمل الصالح.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ [طه: 112] ويقول النبي ﷺ:
“تَبَسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ لكَ صدقةٌ”
فما أروع أن نعيش اللحظة، لا لأننا نهرب من الواقع، بل لأننا نُؤمن أن كل لحظة طيبة نحياها، وكل خير نفعله، هو استثمار في الدنيا والآخرة.
أحسن إلى نفسك، وأحسن إلى الناس، وتفائل مهما اشتدّ الظلام، فإن مع العسر يُسرًا، ومع الصبر فرجًا، ومع كل يوم جديد فرصة لبداية أجمل.

بقلم د.عبدالرحمن الوعلان
معد برامج تلفزيونية وكاتب مسرحي

 

 

الدكتور عبدالرحمن الوعلان

كاتب رأي ومسرح ومعد برامج ومشرف في ظلال المشهد المسرحي

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى