كُتاب الرأي

الخنوع اللبناني

محمد سعد الربيعي

(الخنوع اللبناني )

تعد المقاومة حق مشروع في كل أنحاء العالم ، ولكل الدول التي تتعرض لإحتلال أو اضطهاد من دولة أخرى ،وبأي صورة كانت .

وكمثال مايقع لإخواننا الفلسطينيين الذين يمارسون حقهم في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي من أجل استعادة أراضيهم المغتصبة، ( لا أتحدث هنا عن ماقامت به حماس لأنها دُفعت لذلك دفعاً من إيران التي أغرقتها في تدمير غزة) وجنوب افريقيا ، التي استعادت استقلالها من الإنجليز ، بعد احتلال دام عشرات السنين ، وكذلك مقاومة الشعب الجزائري للمستعمر الفرنسي، وهكذا هي المقاومة في الكثير من الدول إلى أن يتم رفع الظلم عنها ، وعن شعوبها التي تقاتل لتنال سيادتها وحريتها .

مايحدث وحدث في لبنان هو استعمار من نوع آخر ، من دولة مارقة على كل القوانين ، والأعراف الدولية ، مارست كل أنواع الترغيب والترهيب ، من أجل الوصول لكل الأهداف التي رسمتها في لبنان ، في البداية تمكنت من انتزاع المكون الشيعي اللبناني من حضن الدولة التي كانت تعيش في ظل نهضة علمية وحضارية تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط ، وبعد ذلك بدأت في استقطاب العناصر المؤثرة ، والقيادية في ذلك المكون الشيعي ، وباشرت بعملية شراء الضمائر ، وأغدقت عليهم الأموال ، ويعد نبيه بري رأس الحربة في نجاح الهدف الإيراني في لبنان ، تلاه بعد ذلك الكثير من رؤوس وزعماء الشيعة ،والمسيحيين بكل مكوناتهم الدينية المختلفة ، ومارست عليهم إيران الدور نفسه مع بري ،حيث أغدقت عليهم الأموال واشترت ولائهم ، بل كان بري هو الوسيط بين نظام طهران ، وتلك القيادات المسيحية التي دخلت في كُم العباءة الإيرانية ، تحت إغراءات كثيرة ، وبطرق مختلفة ، مما أدى بالتالي لموافقة تلك القيادات على الإنضواء تحت لواء حزب إيران في لبنان ، أو على الأقل السكوت عن نشاطه المدمر هناك ، بعدها خسر لبنان ، وفقدت الدولة أهليتها ، وزعاماتها المسيحية هناك ، وكذلك السنية ، التي واجهت كل أنواع الترهيب ، والتصفيات الجسدية ، والسياسية ، حتى انكفأ ذلك المكون السني لحدوده الصغيرة في طرابلس ، وتُركت عن ضعف -إيران- تلعب كيفما تشاء على قول المثل ( خلي الدرعى ترعى ) .

ما أود الذهاب إليه هنا ، هو السكوت المريب الذي يحيط بكل المكونات اللبنانية ، وعدم تحرك القيادات السياسية في هذا البلد الصغير بمساحته ، والكبير بقياداته السياسة في الوطن العربي ، وكيف تركت الحبل على الغارب كما يقال ، وتركت لبنان يصارع أمواج حزب إيران ، وإيران نفسها المتأرجحة الآن ، وكيف تترك تلك القيادات السياسية اللبنانية ، بيروت ، والبقاع ، وبعلبك ، والجبل ، وطرابلس ، والجنوب بشكل عام ، تحترق بتصرفات الحزب الصبيانية ، ومزاعمه الكاذبة ، في فتح جبهات مع إسرائيل ، لاناقة ولا جمل للبنانيين فيها !

مايثير الإشمئزاز هو الضعف والخنوع اللبناني ، ومايصاحبه من خوف وخشية من إيران وحزبها ، قيادة وشعباً ، على مايحدث من تدمير ممنهج ، ومايقوم به حزب إيران منذ عشرات السنين للبنان ، واللبنانيين بشكل عام ، دون أن تنبس لهم شفة ، أو يحركون ساكناً كما يقال !
وعندما حانت الساعة للمواجهة الحقيقية مع إسرائيل اتضح أنه -الحزب -كعش العنكبوت ، وكانت قوته وسيطرته على اللبنانيين فقط ، والعرب في سوريا ، والعراق ( السنة) ليس إلا.

والآن الفرصة أتت للبنانيين على طبق من ذهب ، لطرد حزب إيران ، وإعادة هيبة الدولة ، واستغلال الوهن ، والضعف الإيراني ، الذي أصبح يتعلق بقشة ذيوله الخائفة المترددة من مطاردة إسرائيل لها ، وإعادة تمركز الجيش في جنوب لبنان ، وبسط سيطرة الدولة على كل مقدراتها ، في محاولة لإعادة ترميم لبنان ، وطرد كل عملاء وأذيال إيران لخارج لبنان .

كما أن على الشعب اللبناني أن يثأر ويتظاهر، وينتفض ، ويقدم كل عملاء إيران للمحاسبة ، خاصة السياسيين منهم ، الذين راهنوا على التوأمان الإيراني عن حرية واستقلال بلدهم وإدخالهم المعتقلات ، ومحاسبتهم ، نظير كل التفريط الذي أحدثوه ، والعمالة والفساد الذي مارسوه ، طوال الأربعون عاماً الماضية ، التي أقضت مضجع لبنان ، وجعلته ساحة إرهابية لأعمال حزب إرهابي دمر الأخضر واليابس ، وأزهق رقاب الآلاف من الشرفاء اللبنانيين ، الذين وقفوا في وجهه ووجه إيران المتطرفة.

هذا هو المطلوب من الشعب اللبناني ،القيام بمظاهرات ، وانتفاضة شعب كبيرة ، تجتاح كل المدن التي يسيطر عليها حزب إيران ، وطرد من بقي منهم فيها ، والمسارعة في ذلك لإبقاء مابقي من لبنان قبل أن يتدمر ، أو تفلت الفرصة ، ويعيد الحزب تكوينه ، وبعدها سيبدأ في إراقة الدم اللبناني بلا رحمة ، كما فعل في سوريا ، فهل ستعتبرون أيّهُ الشعب اللبناني ، وتنتفضون !؟ وتزيلوا غبار حزب اللات عن بيوتكم ، وشوارعكم ودولتكم ، أم لازلتم خانعين ، خائفين ، من حزب زميره وأتباعه ، وكما يقال الفرص لاتتكرر !
لذا حاربوا من أجل لبنان ، واستقلاله من تبعية إيران ، انتفضوا ، وحاسبوا كل العملاء ، والمأجورين ،وعلى رأسهم نبيه بري ، الذي قاد الثلث المعطل مع زميره لسنوات طويلة، أعادت لبنان لعصور متخلفة ومجهولة ، ودمر لبنان على رأس مواطنيه ، وعطل الحياة السياسية لإرضاء إيران .
واعملوا أيها اللبنانيون على تحرير دولتكم ، وإعادتها لحضنها العربي ، واستقلالها، لتعود سويسرا الشرق الأوسط ، كما كانت قبل زميره وحزبه الإيراني.

كاتب رأي

تعليق واحد

  1. المقال أكثر من رائع يا دكتور محمد فهو يسلط الضوء على قضية مهمة للغاية ، حيث تبرز حق المقاومة كوسيلة مشروعة للشعوب المضطهدة .
    لقد قدمت أمثلة قوية تظهر كيف أن التاريخ مليء بنضالات شعوب سعت لاستعادة حقوقها وحريتها .
    تحليلك لوضع فلسطين وجنوب أفريقيا والجزائر ينم عن فهم عميق لتعقيدات هذه القضايا . أتمنى أن تستمر في تسليط الضوء على هذه الحقائق من أجل تعزيز الوعي والعدالة👍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى