الخشيبة (سقيا الجزل)(١)

محمد سعيد المرواني
الخشيبة (سقيا الجزل)(١)
الخشيبة قرية مزدهرة بالمزارع ومحاطة بالقرى الصغيرة، سكانها من قبيلة بلي القضاعية ، وهي على ضفاف وادي الجزل من ناحية الشرق ، وبها آثار قديمة ، أهمها سقيا الجزل ، وهي ليست سقيا يزيد ، بل هي سقيا الجزل ملتقى لحجاج الشام ومصر ،
قال أبو علي القالي في “المقصور والممدود”: سقيا- بغير ألف ولام-، وذكر ابن حبيب: أنه موضع من بلاد عذرة، يقال له: سقيا الجزل، وهي قرية من قرى وادي القرى. ابن السيد: ولا أعلم أهو هذا الذي ذكر في هذا الموضع، أم غيره. وقال البكري: وهي بضم أولها، وإسكان ثانيها، بالياء أخت الواو مقصورة: قرية جامعة، قال: وهي في طريق مكة من المدينة. وقال كثير: إنما سميت السقيا؛ لما سقيت من الماء العذب، وهي كثيرة الآبار والعيون والبرك، وكثير منها صدقات للحسن بن زيد.
وقال المقدسي البشاري :
( فان أردت جادّة مصر فخذ من المروة الى السّقيا ثم الى بدا يعقوب ثلاثا ثم الى العونيد مرحلة، وان أردت الشام فخذ من السقيا الى وادي القرى مرحلة ثم الى الحجر مرحلة ثم الى تيماء ثلاث مراحل)
وهذان النصان كافيان للجزم على أنّ الخشيبة هي سقيا الجزل ، والآثار الموجودة بها كافية لأن تكون قرية عظيمة اندثرت تحت رمال الوادي.
ومما شد انتباهي هو قناة مائية محكمة البناء تمر الخشيبة وتنطلق إلى أن تصل إلى سقيا يزيد قرب الجديدة. وقد حاولت التحقق من بداية انطلاقها ، لكنّ هذا الأمر في غاية الصعوبة ، نظراً لتغير طبيعة الأرض بسبب السيول الجارفة، وإعادة تعمير المزارع في العصر الحديث ، واستخدام الشيولات والحراثات لتسوية الأراضي ، إضافة إلى استصلاح الأراضي وزراعتها .
كل هذه العوامل أخفت أجزاء كثيرة من تلك القناة ، مع الجزم أنها تنطلق من حرة عويرض بالعلا ، بعد البلدة القديمة ، لوجود آثار لها هناك، والغرض منها نقل الماء العذب ، فلا يوجد ماءً عذباً إلاّ هناك.
وربما تكون غيرها ، وتكون هذه القناة منطلقة من الخشيبة نفسها لأغراض أخرى.
أما قول أبي علي القالي السابق ( لما سقيت من الماء العذب ) فدليل على أن مياهها ليست عذبة، وهي كذلك اليوم ، وقوله (سقيت) معناه أن الماء جلب لها من مكان ٍ بعيد ، والقناة التي ذكرت هي شاهد عيان لما ذُكر.
وقد ذكر لي الاستاذ الدكتور سالم عبدالرحمن البلوي ، أنها سقيا الجزل. واختلفت معه أن تكون سقيا يزيد فهي بعيدة عنها كما سيأتي .
وأضاف الدكتور أن في الخشبية أماكن كانت مأهولة بالبشر ، فهناك بقايا فخار وأحجار ، وبرك ، وأحجار مربعة مرصوصة كقواعد ، وتلال مرتفعة أعتقد أنها كانت منازل.
ومررت أنا بالمنطقة فوجدت ماذكر .
ومما تجدر الإشارة له ، أن الدكتور سالم مشكوراً ، أسس ملتقى ونادي ثقافي سماه ( مجلس وادي القرى الثقافي ) ويقع مقابل لقرية الخشبية على ضفاف الوادي.
ويقوم الدكتور بشكل دوري إقامة الملتقيات الثقافية ، ويستقطب المثقفين من شتى الأماكن ، لإقامة ندوات وفعاليات ثقافية متنوعة.
وفي الخشبية بعض المنازل والمزارع التي تنتج تمور البرني الذي تشتهر به محافظة العلا وقراها ، والبرني من أجود أنواع التمور ، كذلك رأيت الحمضيات من البرتقال والليمون تنمو بشكل مميز ، وتثمر بكثرة ، كذلك شدني كثرة شجر اليسر (المورينقا) وكثافة ثماره.
كاتب رأي ومؤرخ