كُتاب الرأي
الحج وجهود المملكة: خدمة الحرمين وشرف لا يُضاهى

بقلم: زايده حقوي
الحج وجهود المملكة: خدمة الحرمين وشرف لا يُضاهى
الحج ليس مجرد فريضة نؤديها، بل هو رحلة عمر تشتاق لها الأرواح وتتلهف لها القلوب. هو لقاء بين العبد وربه في أطهر بقاع الأرض، حيث تتجرد النفوس من زيف الدنيا وتلبس ثوب الطهارة والخضوع. ومع كل تكبيرة وصعود إلى عرفات، أشعر أننا نولد من جديد، محمّلين برجاء القبول والغفران.
وفي كل مرة أتأمل مشهد الحجيج، ملايين البشر يلهجون بالدعاء بقلوب خاشعة ودموع حارة، أوقن أن هذا المشهد لا يكتمل بهذا الجمال والسكينة لولا الله أولًا، ثم جهود المملكة العربية السعودية التي تسخّر كل طاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن ثانيًا.
كم هو مدهش أن نرى ذلك التناسق العجيب في حركة الحشود، والابتسامة التي لا تفارق وجوه رجال الأمن، والحرص الذي تبذله الفرق الطبية، والتقنيات الذكية التي تُسهّل للحاج كل شيء دون عناء. تشعر أنك في وطن يحتضنك، حتى لو كنت قادمًا من أقصى الأرض.
ما تفعله المملكة ليس مجرد تقديم خدمات، بل هو انعكاس لعقيدة تؤمن أن خدمة الحجاج شرف من الله ومسؤولية تتوارثها الأجيال. وكل موسم حج هو شاهد جديد على صدق هذا الالتزام.
من تنظيم دقيق إلى رعاية صحية شاملة، ومن مبادرات تقنية إلى مشروعات تطويرية كبرى، تكتب المملكة قصة وفاء للحرمين وقصة حب لضيوف الله.
نشهد اليوم حجاجًا يؤدون مناسكهم بطمأنينة، ويعودون إلى ديارهم محمّلين بالذكريات الطيبة والدعاء الصادق لمن خدمهم دون كلل.
إنها مملكة العطاء؛ شعارها الرحمة، ودستورها القرآن، لا فرق فيها بين جنس وآخر. مملكة الإنسانية الحقة التي جعلت الإنسان وكرامته وحقه أولوية لا يُعلوها شيء.
كل السعوديين، بل كل المسلمين، يشاركون الحجيج تلك اللحظات بقلوب داعية راجية أن يتم عليهم حجهم، ويحفظ الله أمن المملكة من كل سوء.
2 / 2
إنه الحج، وإنها المملكة التي جعلت من خدمته عنوانًا للعطاء، ومن الحرمين أولوية لا تُمسّ.
إنها رحلة روحانية لا تنتهي مع انتهاء الموسم، بل تظل محفورة في القلوب والوجدان، تذكرنا بعظمة الله ورحمته، وقيمة التضامن والمحبة بين المسلمين.
نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، وأن يديم على هذه البلاد الأمن والأمان، وأن يحفظ المملكة قيادةً وشعبًا، ويجعلها دائمًا منارة خير للعالمين.
فالحج ليس فقط عبادة، بل رسالة سلام ومحبة تُعانق العالم كله.