كُتاب الرأي

التمور.. ثروة وادي الدواسر المهددة بالخسائر

التمور.. ثروة وادي الدواسر المهددة بالخسائر

 
مع انطلاق موسم صرام النخيل في محافظة وادي الدواسر لهذا العام 2025، يعيش المزارعون حالة من القلق والترقب، بعدما بدأت مؤشرات المبيعات تسير في منحنى لا يبعث على التفاؤل؛ فرغم جودة المحصول الذي يفاخر به أبناء المحافظة، إلا أن الواقع يؤكد أن الإيرادات المتوقعة لن تغطي حتى تكاليف العمالة الموسمية، فضلاً عن المصروفات الأخرى كالكهرباء وأعطال المضخات وغيرها من المستلزمات التي لا غنى عنها.
فالأزمة التي يعاني منها مزارعو وادي الدواسر ليست وليدة هذا العام وحده، وإنما تراكمات لسنوات مضت، حيث ظل التسويق للتمور يعاني من الضعف، ولم يحظَ المنتج المحلي بما يستحقه من عناية سواء على مستوى إقامة مهرجانات ترويجية أسوة بمناطق ومحافظات أخرى، أو على مستوى وجود مصانع متخصصة تضيف قيمة مضافة للتمور وتحولها من مجرد منتج خام إلى منتجات متنوعة قادرة على المنافسة داخلياً وخارجياً.
ولعل من أبرز المشكلات التي يتداولها المزارعون أيضاً غياب وحدة الكلمة فيما بينهم عند تحديد الأسعار، إذ يظل كل مزارع يغرد منفرداً، مما يفتح الباب أمام استغلال العمالة الوافدة التي تسيطر على السوق من خلال طرح أسعار بخسة والتفاهم فيما بينها لإحكام قبضتها على عمليات البيع والشراء؛ هذه الفوضى السعرية تُفقد المزارع ثمار جهده، وتُفقد المستهلك الثقة في عدالة السوق.
المشكلة لا تقف عند حد ضعف العائد الاقتصادي فحسب، بل تمتد إلى تهديد استدامة الزراعة نفسها في المحافظة، حيث يدفع الإحباط الكثير من المزارعين إلى العزوف عن العناية بمزارعهم أو تقليص حجم استثماراتهم الزراعية، وهو ما قد يحرم وادي الدواسر من أحد أهم مقوماته الاقتصادية والاجتماعية.
إن الحلول، وإن بدت صعبة، إلا أنها ليست مستحيلة، تبدأ من تضافر جهود المزارعين أنفسهم بإنشاء جمعيات أو مجالس تسويقية موحدة تعنى بتنسيق الأسعار وفق الجودة والتصنيف، وتعمل على فتح قنوات تسويقية جديدة سواء عبر المنصات الإلكترونية أو عبر التصدير الخارجي؛ كما أن إقامة مهرجان سنوي للتمور في المحافظة سيكون له أثر بالغ في جذب المشترين والمهتمين، وتعزيز مكانة تمور وادي الدواسر ضمن العلامات المميزة في المملكة، وإلى جانب ذلك، يبقى إنشاء مصنع للتمور أو شراكات استثمارية مع القطاع الخاص خطوة ضرورية لإيجاد قيمة مضافة، وتحويل المحصول من مجرد تمور خام إلى منتجات غذائية وصناعية تعزز العائد وتفتح آفاقاً أوسع للتصدير؛ كما أن الجهات المعنية يمكن أن تسهم ببرامج تمويلية وتشجيعية لدعم المزارعين وتذليل العقبات أمامهم.
وادي الدواسر بتموره وتاريخه الزراعي يستحق أن يكون في مكانة تليق بمقوماته، والمزارع لا يطلب سوى أن يجد ثمرة جهده محل تقدير، وأن تتحول معاناته إلى قصة نجاح، تضيف لبنة جديدة في صرح الأمن الغذائي الوطني، وتعيد لهذه الأرض المعطاء مكانتها بين واحات النخيل في المملكة.
 

مبارك بن عوض الدوسري

@mawdd3

مبارك عوض الدوسري

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى