هدأة الأرواح المُتعَبة

الدكتورة سارة الأزوري
هدأة الأرواح المُتعَبة
ما العلاقة الآمنة؟
ليست العلاقة الآمنة التي تخلو من الخلاف، بل التي لا تُشعرك بأنك أنت موضعه.
لا تُقصيك عند أول مشكلة، ولا تُخيفك عند كل اختلاف.
لا تُربّي فيك الخوف من الرفض، ولا تدفعك للتوجس من أن تُساء قراءتك، أو تُفسّر نيتك بسوء مقصود.
لا تُنقّب فيك عمّا يُدينك، بل تتأملك بمحبة، وتُنصت لما وراء كلماتك.
والعلاقة الآمنة هي التي لاتعلوها أصوات التشنجات، ولا تعبرُها حتى التوترات، بل التي لا يتحوّل فيها الخلاف إلى سلاح، ولا يُستخدم فيها الصمت كعقاب، ولا يُلقى عليك اللوم حتى وأنت تنحني لتصلح ما انكسر.
في العلاقة الآمنة، لا تُضطر لإخفاء حزنك كي لا تُتّهم بالمبالغة، ولا تُدعوك لزفة صامتة كي لا تُفهم خطأ.
لاتستلق على سريرك مثقلًا بالشك، ولا تفتّش في قلبك عمّا يمنح هذا البقاء معنى.
تمكث بينك وبين نفسك، تحاول أن تصدّق أن ما يحدث حب، لا اعتياد…
أن ما يُمنح لك دفء، لا مصلحة مؤجلة.
لكن شيئًا داخلك يبقى ساكنًا… لا يصدق.
العلاقة الآمنة لا تُرهقك بأسئلة لا إجابات لها، بل تمنحك طمأنينة أنك لست مؤقتًا، ولا نسخة قيد التجربة، ولا تحتاج لأن تُخفي أجزاء منك كي تُحتوى.
تبقى كما أنت، دون جهد لتصغير نفسك أو توسيعها لتناسب أحدًا.
لا تقتلك ببطء وأنت تحاول الحفاظ عليها، ولا تُربّيك على القلق، ولا تزرع فيك عقدة الذنب كلما عبّرت عن احتياجك.
وفي العلاقة الآمنة، يمكنك أن تلوذ بالصمت حين تزدحم داخلك المشاعر، أن تُنصت إلى نفسك دون تبرير، وأن تُمنح فسحة من التفهّم لا تجرح ثقتك، ولا تُشوّه نيتك.
العلاقة الآمنة ليست حلمًا ورديًا، لكنها بيت.
بيت داخليّ، تشعر فيه أن قلبك ليس مشرّدًا، ولا مهجورًا، ولا مضطرًا للنجاة كل يوم من الطعنات الصغيرة.
العلاقة الآمنة، ببساطة… هي التي تشبه السلام، لا القلق.
كاتبة رأي