التصنّع قيد والصدق حرية

معلا السلمي
التصنّع قيد والصدق حرية
قد يجد الإنسان نفسه عالقًا بين رغبته في أن يكون على طبيعته، وضغوط المجتمع التي تحاول تشكيله وفق نمط معين. يسعى الكثيرون للحصول على قبول الآخرين، حتى لو كان ذلك على حساب هويتهم الحقيقية، مما يؤدي إلى حياة مليئة بالتناقضات والضغوط النفسية. لكن، هل يمكن للإنسان أن يعيش بحرية إذا ظل أسير نظرات الآخرين وأحكامهم؟
العيش كما يحب الآخرون قد يمنح شعورًا مؤقتًا بالراحة، لكنه لا يمنح السعادة الحقيقية. عندما يتخلى الإنسان عن رغباته وأحلامه ليُرضي من حوله، فإنه يفقد جوهره شيئًا فشيئًا. قد يبدأ الأمر بتنازلات صغيرة، لكنه يتحول مع الوقت إلى فقدان كامل للهوية، ليجد الشخص نفسه نسخة مشوهة مما كان عليه أو مما كان يريد أن يكون.
التحرر من هذه القيود يبدأ بالإيمان بأن لكل فرد بصمته الخاصة، وأن التفرّد لا يعني العزلة، بل هو مصدر قوة. عندما يكون الإنسان كما يحب، فإنه يجذب الأشخاص الذين يتقبلونه كما هو، لا كما يريدون أن يكون. القبول الحقيقي لا يأتي من التكيف القسري مع المجتمع، بل من الانسجام الداخلي والقدرة على التعبير عن الذات بصدق.
لا يعني أن تكون كما تحب أن تتجاهل الآخرين أو ترفض النقد البنّاء، لكنه يعني أن تبقى مخلصًا لقيمك وطموحاتك، وألا تدع الآخرين يحددون مسارك. عندما يتحرر الإنسان من الخوف من الرفض، يكتشف آفاقًا جديدة من الإبداع والسعادة، ويعيش حياة أكثر تناغمًا مع ذاته.
في النهاية، الحياة رحلة لا يجب أن تقضيها محاولًا إرضاء الجميع. عندما تختار أن تكون كما تحب، فأنت تختار أن تحيا بصدق، بعيدًا عن القيود والتصنع. لا تخشَ الاختلاف، فتميزك هو قوتك الحقيقية، والعالم يحتاج إلى أصالتك، لا إلى نسخة أخرى مما يريدون.