التشوه الفكري

التشوه الفكري
بقلم/ د. شادي الكفارنة.
عندما يعيش الإنسان في بيئة مستقرة يحاول أن يبني مجتمعًا منتجًا للمساواة الاجتماعية حتى يصل إلى مرحلة تحقيق العدالة الإنسانية،
ولكن عندما يتعرض الناس في المجتمع للنزاعات الاجتماعيّة والصراعات الطبقيّة والحروب الدموية والاختلافات السياسيّة، تتغير العادات الثقافيّة والسلوكيات التربويّة وتهتز القيم الأخلاقيّة ، وتضطرب أحكام الأعراف الإنسانيّة وتختل القوانين النصية، وتضعف الصلابة النفسية وتكثر الآفات الاجتماعية والصدمات الثقافية والنكسات التربوية، وتعم الفوضى التي يصعب ضبطها؛ ويمكن أن نمثلها عندما يتعرض مجتمع إلي انفجار قنبلة نووية تدمره وتقتل جزءًا من سكانه، ومن يبقى على قيد الحياة من الجزء الآخر يتشوه، وينجب أجنة من المواليد المشوهة.
هذا التشبيه والتمثيل في الواقع الحي مع الإنسان عندما يُصاب بالأزمات تتغير أفكاره وتعرضه للتشوه الفكري الذي يعمل على التشوه الاجتماعي، من خلال تشوه الأجيال الجديدة بفكر ملوث، وسلوك منحرف تم اكتسابه من واقع خرج عن مسار الضبط القيمي للعادات والتقاليد والأعراف التي تشوهت بفعل الأفكار المتوارثة، والتي تراكمت عبر الأجيال، وبذلك تسبب للإنسان في مجتمعه الانحراف السلوكي والتطرف الفكري.
لكن التساؤل .. هل أصبح لدينا فكر مشوه يتوارث عبر الأجيال؟ إن في كل جسد للإنسان يوجد خلايا مشوهة وخلايا سليمة حميدة، وبكل تأكيد أن يصاب فكرنا بالتشوه الفكري، ونتأثر بالاهتزازات الفكرية والاختلالات الاجتماعية والاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية خلال التسلسل التراكمي للتاريخ الفكري .
لذلك المطلوب أن نرقى بفكرنا التقدمي، ونحاول تطبيقه في أسرنا لتعمم في مجتمعنا؛ لنصل إلى مرحلة رقي التقدم الفكري الذي يبني مجتمعًا إنسانيًا سليمًا نقيًا من شوائب الفكر المشوه،ومعالجة كل الأفكار الشاذة، وأن نضبط كل الأفكار الخارجة عن قيم مجتمعنا، وأن نتعلم من تجارب الآخرين، وخبرة الأولين.