التزام طاعة الحكام

التزام طاعة الحكام
جابر عبدالله الجريدي
في إحدى الدول العربية تأثرت جماعة بالأفكار الأجنبية تدعو إلى التحررية والشعبوية، ظنًا منهم أنه تطور عصري وثقافة من أصول الحضارة، يدعون إلى إسقاط النظام والرئيس، وكانت من الأهازيج التي يرددونها في الشوارع والأسواق والمدارس والإعلام والصحف (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس).
كان الشعب قليل الوعي عديم الفهم والإدراك، ولا يعي حقيقة المؤامرات التي تحاك من المتربصين بالأوطان العربية، تأثر الأغلبية بتلك الشعارات البرّاقة، كان يعدهم الثوريون بالوعود الملمعة، فوقعوا في غفلةٍ ندموا عليها بعد ذلك أشد الندم. خرجوا يهتفون ويتوعدون النظام والدولة بالتهديد والوعيد، كنَّا في المدرسة الابتدائية يجتمع الطلاب من كل المدارس ويأتون إلى مدرستنا ليُخرجونا معهم، المدير لأنه كان يمنعنا من ذلك، يخربون الجدران ويكسرون الأقلام لأنهم وثقوا فيما يعدهم به الثوار.
إلا فئةً من المجتمع آنذاك عارضت وبشدة تلك الأفكار، ويعادون تلك الوعود التي يتزعمها الثوار، وهم العلماء الربانيون السلفيون من أهل السنة والجماعة الأخيار، يحذرون شديد التحذير على أن تداعيات الثوار شرٌّ مستطير وظلمٌ خطير، تؤدي إلى فتنة وفساد كبير. يأتون بالأدلة الواضحة من القرآن الكريم والسنة النبوية على وجوب الطاعة وعدم الخروج على ولي الأمر، ظن الشعب عديم الوعي أن ما يدعو إليه علماء السنة اتفاق وتآمر، وكان حماسهم أشد من الجمر، وذهبوا إلى دعاة الحضارة الأحرار، وتركوا أهل الخير من العلماء الأطهار، فكانت نتيجة تحمسهم وقلة وعيهم السقوط في أسفل البئر.
دخلت البلاد في دوامة الفتن، وعصرتها أنواع من الآلام والمحن، خرجوا على حاكم أهل اليمن، في فريق الثوار سلك الشعب تتزعمهم امرأة تدعى توكل كرمان، للأسف تم تكريمها بجائزة نوبل للسلام، فأما أولئك الثوار ذهبوا إلى الدول الأجنبية يسرحون ويمرحون، بعدما تبين للجميع أن هذه مؤامرة خطط لها الأعداء من منظمات الأجنبيين. أصبح البلد بلا نظام أو قانون، والقوي يأكل حقوق المساكين، ويقتل بعضنا بعضًا من الجنود العسكريين، السلاح لعبة في يد المواطن، دخلوا به إلى المستشفيات والمدارس والمحاكم، للأسف مناظر مفزعة تقشعر منها الأبدان ولا تنتمي أبدًا إلى قانون حقوق الإنسان.
أصبحت تلك البلاد كالغابة عندما يسودها الظلام، صراخٌ وألمٌ ومواجع وأحزان، ولسان الحال لدى الشعب (يا ليت)! أصابهم الندم والخسران، لا توجد إدارة ولا نظام، تلك الوعود ماتت وما تلا بعدها إلا أن ينقذ كل شخص نفسه بأن يكون من المهاجرين، لعله يكون بها الدرس (والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين).
نريد توجيه رسالة إلى شعوب الدول العربية: إن الوطن يستحق منا بذل المال والأبدان من أجل أن نحقق فيه الأمان، والسبيل للوصول إلى ذلك هو طاعة الحاكم وبذل ما يُستطاع لخدمة الوطن، فالحياة تعطينا دروسًا مهمة لأهمية الأمر، فنعمة الاستقرار في الوطن نعمة لا تعادلها نعمة.
أقدم هذه الرسالة ليست مجرد رسالة عابرة وإنما رسالة وعي وإدراك، فالأعداء متربصون بنا، وعلى الشعوب أن تتمسك بالوعي الشرعي وألا تكون أداة للمتربصين في الكيد لأوطانهم (فنحنُ مستهدفون دائمًا).
أختم بهذا الحديث، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره…) متفق عليه.
وهذه الآية الكريمة يقول الله سبحانه وتعالى فيها: ﴿أَطيعُوا اللَّهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم﴾، فطاعة ولي الأمر من طاعة الرحمن وسيد ولد عدنان، أي إنها حق شرعي لا تنازل فيه.
كاتب رأي – اليمن