البرادايم

عادة يعيش الإنسان داخل محيط أفكاره وأحلامه وربما داخل عوالم همومه وغمومه وأفراحه وأتراحه ، ولا يرى غير تلك الدوائر المغلقة عليه ، والضيقة له حقيقة ، ومع ذلك ربما لا يشعر بذلك كله ، فهو يجامل ويلف ويدور ، ويحتال ، وقد يبرر الكثير من تصرفاته وأفعاله ، ويجد لنزول همته وعدم التطلع إلى المعالي وعدم الإكتراث بالقيم والمبادئ والأخلاق الرفيعة العالية ! الكثير من الحيل والتبريرات الفارغة !
تلك الأفكار والمواقف المختلفة والمتباينة قد تشكل للإنسان تصوراً يراه هو جميلاً ورائعاً ، وطريقاً سهلاً ، وزوايا رؤية يمكن من خلالها رؤية العالم والناس ، و يمكن خلالها فهم المتغيرات حوله ، ويمكن من خلالها تقييم الآخرين ، ويصل إلى أن يتجاسر فيحكم عليهم !
العقل البشري لديه قدرات وطاقات ومواهب وملكات عالية جداً ، ويمكن أن يربط بين الأفكار المختلفة والمتباينة ويحاول أن يوجد الروابط السحرية بينها ثم يسعى بسرعة كبيرة وعظيمة إلى التنسيق بين تلك الأفكار وتنظيمها ، ومحاولة صناعة نموذج فريد من نوعه.
إن طرائق التفكير التي تتشكل عبر التربية والتنشئة والتعليم والروافد التربوية المختلفة كالمدارس والجامعات والإعلام بوسائله وأدواته المختلفة و قد تصنع من الناس ومن العقول أنماطاً ونماذجاً أيجابية أو سلبية ، تقليدية أو حديثة مرنة وغير ذلك .
قد يعالج الإنسان بعض التحديات والصعوبات والعقبات بنفس الطرق التي تعلمها وحفظها ، ووصل فيها إلى درجات الفهم والوعي والإدراك والاتقان ، لكن تلك المشكلة أو المشكلات كما هي لم تتغير ولم تحل حتى بعد المحاولات العظيمة التي قام بها ، فربما يأتيه من يقول له : غيّر من طريقة التعاطي مع هذه المشكلة أو التحدي ! وعندما يقوم بتغيير طريقة التفكير في تلك المشكلة أو التحدي يحصل على الحل والوصول إلى النتيجة الجديدة المفيدة.
إن الطريقة التي تعد فيها التحديات والصعوبات والعقبات من الناحية الفكرية ، والتفكير العميق خارج الصندوق بطريقة جديدة ومفيدة وتحصل في النهاية على حل التحديات والصعوبات والعقبات بطريقة سهلة ومختصرة للجهد والوقت ، هذا النموذج من التفكير يسمى ( البرادايم ) أي النموذج الإرشادي للتغيير والتطوير للأفضل والأحسن.
إن العودة للتفكير في طرائق التفكير لدى الإنسان والمراجعة المستمرة واستخدام تقنيات التفكير التباعدي والتقاربي ، والعميق والسهل البسيط جداً ، والتفكير بطريقة حل المشكلات والعصف الذهني ، والتفكير الناقد وغيرها ، كل ذلك يساعد في صناعة مناخ جديد .
كثيرة هي التحديات والصعوبات والعقبات التي تواجه الإنسان ، والتزود بخارطة طريق ترشده وتساعده في مراحل حياته ، وفي التغلب على التحديات والصعوبات والعقبات التي يواجهها أمر في غاية الأهمية والضرورية وهو الاحتياج الإنساني الفطري السليم الذي يجب تربيته وتعليميه وتقويمه عليه ليواجه تلك التغيرات والتقلبات والصعوبات والعقبات في حياته القادمة.
كثيراً ما نستخدم ونعالج نفس المقدمات والعمليات لكي نحصل على نتائج جديدة ومفيدة لكننا للأسف نحصل في كل محاولة على نفس النتائج! وذلك لأننا لم نغير المقدمات ولم نطور العمليات فمن الطبيعي أن نحصل على نفس النتائج ، وتكرر معنا في كل محاولاتنا !
الشباب والشابات المستقبل الواعد للبلد عليهم أن يحرصوا على حسن تأهيل أنفسهم بالشهادات العلمية الجامعية ، وكذلك بالمهارات العملية للغة الإنجليزية والمهارات المتقدمة والمتطورة في الحاسب الآلي ، ويعدوا أنفسهم لوظائف جديدة ومفيدة ، لها علاقة بالشبكة العنكبوتية، لها علاقة بقنوات التواصل الإجتماعي، لها علاقة بالبرمجة والترجمة والمهارات العليا للتفكير ، وهذا هو (البرادايم) والنموذج الإرشادي الذي عليهم التركيز والتدرب عليه في مستقبلهم الواعد .
( البرادايم ) للأزواج والزوجات الجدد معرفة كامل الحقوق والواجبات والتكاليف والأعباء والمسؤوليات والأدوار المنوطة بهم جميعاً !
والتعاون والتكامل والتوازن في قيادة هذه الأسر الكريمة والعوائل المحترمة الناشئة الوليدة ، وحسن الإدارة المالية المعيشية للأسرة السعيدة ، والاجتهاد الدائم والمستمر في تنويع الدخل الشهري وحسن ترشيد الاستهلاك في كل شؤون الحياة الزوجية.
(البرادايم) الذي على الأسر الكريمة والعوائل المحترمة أن تركز عليه في محاولة التربية والتنشئة والتعليم هو غرس العقيدة الصحيحة السليمة والأخلاق الرفيعة العالية الفاضلة والأدب الجميل عند الأولاد من البنين والبنات ، وممارسة الدعم والمساندة والتحفيز والتشجيع للأولاد على الحصول على أعلى الدرجات في التعليم العام ، وأعلى الدرجات والمهارات الحياتية في التعليم الجامعي ، ورفع شعار نريد لكم الدرجات والمهارات العليا في كل المرحلة التي أنتم فيها ؛ ولن نرضى بغير الدرجات والمهارات العليا!.
(البرادايم )الذي على مؤسسات المجتمع المدني أن تقوم عليه وبه ، هو تنويع تلك المؤسسات والجمعيات لتشمل جميع مرافق واحتياجات الحياة ، من الجمعيات الخيرية غير الربحية والتي تتخصص في التعليم ، وفي الصحة ، وفي الخدمات والمنتجات الأسرية الاجتماعية، وفي خدمة المركبات وفي خدمة المنازل و في خدمة الشوارع والمساجد .
إن النماذج الإرشادية الفريدة والمميزة والتي تخدم الفرد والمجتمع وتساهم في الوعي والفهم والإدراك لعظمة الإنسان والمكان والزمان
هي البرامج (البرادايم) المقصود الإهتمام بها ورعايتها .
وهي التي سوف تساهم وتساعد في نقل الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة والمجتمع العظيم إلى مستويات عليا من التعاون والتراحم والتغافر والتسامح والتكامل والتوازن، وإلى النموذج والقدوة الذي تنشده رؤية الوطن 2030 ، في تكوين وتشكيل شخصية المجتمع السعودي الحيوي ويرتقى به نحو الاقتصاد المزدهر لتحقيق رؤية وطن طموح .
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.