كُتاب الرأي

البالون

من المعروف أن البالون، هو ذلك الكيس البلاستيك المطاطي الصغير، المختلف الألوان والأشكال، وبنفخه يزداد حجمه حاملاً بداخله الهواء، وبرؤيته يسعد الكثيرون خاصة الأطفال الصغار، الذين يرون في البالون وسيلة للمرح والبهجة، فمعظم الأطفال منذ وقت ليس ببعيد كانوا يلعبون بالبالون.
وهناك جانبين رئيسيين في البالون:
الجانب الأول: انه رغم خفة وصغر حجم البالون، إلا أنه يستطيع رسم البسمة على وجوه الكثيرين وخاصة الأطفال الصغار.
والجانب الثاني: والذي اثرت الحديث عنه، هو أن البالون عندما نقوم بنفخه، يكون ممتلأ بالهواء، ومن المعروف أن الهواء لا يمكن رؤيته، فهو ليس شيئاً مادياً.
كما أن الهواء الذي بداخل البالون لا قيمة له، وهكذا هي الحياة للأشخاص، إما أن تكون ذا قيمة نافعة، وإما أن تكون كالهواء بداخل البالون بمجرد خروجه من البالون يسقط البالون على الأرض بعد أن كان يحلق جالبا معه السرور.
وبما أن الطفل في صغره يكن متعلقاً بالبالون، ويفرح باللعب به، وبفرقعته يحزن، فلابد من استغلال ذلك الموقف جيداً بحيث يتم تعليم الطفل، أن ادخال السرور على قلوب الناس أمر محمود، ولابد أن يكون عادة متبعة وراسخة في نفوس بنينا، لكن لابد من مراعاة ما يقدم لهم من معلومات وتجارب تبنيهم، بحيث لا تكون عديمة القيمة كالهواء الذي كان بداخل البالون، ذلك الذي ملأ البالون وبخروجه هوى البالون على الأرض.
فالأبناء بالون صغير جميل المنظر، جالبا معه البهجة في كل مكان يتواجد فيه، لكن لابد من مراعاة الهواء الذي يملأ هذا البالون الخاص جدا والأغلى نوعا؛ تفاديا لأن يهوى على الأرض؛ لأن السقوط تلك المرة للبالون سيكون من الصعب استبداله ببالون اخر؛ لضمان استمرارية البهجة،
والحقيقة التي لا يستطيع أحد منا إنكارها، هي أن الهواء الذي بات يملأ بالوناتنا الصغيرة اليوم، أصبح أكثر فساداً وأشد فتكاً، نظراً لأننا اليوم نعيش طفرة علمية وتكنولوجية هائلة وغير مسبوقة، ورغم أن ذلك سيصعب علينا مهمة فلترة الهواء داخل بالوناتنا الصغيرة، إلا أن لابد من تكرار محاولات تنقية ذلك الهواء، وذلك لن يتم إلا بمحاولة دمج ومعاصرة القيم الأصيلة التي باتت اليوم من التراث الذي لا مكان له في نظر الكثيرين سوى المتاحف.
فتحية لكل بالون، رسم بسمةً وبرؤيته زالت الشجون، أمسى محلقاً في سماء الكون، للغد متشوقاً حادق العيون.

 

د. أميرة محمد
M.amira150m@gmail.com

د. أميرة محمد علي

اكاديمية _ وكاتبة صحيفية _ واديبة مصرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى