الانصهار في الحزن

الحزن حالة شعورية يمر بها الإنسان نتيجة لاعتبارات عديدة ، كفقد عزيز أو حبيب أو صديق أو أحد من الأهل أو الأقرباء.
إنه حالة تجعل من الفرد يعيش ألمًا غير ظاهري لكنه يتضح في تصرفه وسلوكه، ألمٌ يفتت القلب، ويبعثر الكيان ، ويبعث في النفس الشعور المستمر باليأس والعجز، وربما يصل به للكسل وعدم الرغبة في القيام بأي نشاط بدني أو عقلي ، أو حتى اجتماعي ، كل هذا الوجع يؤدي بصاحبه للانصهار في الحزن لفترات قد تكون مؤقتة ، ويمكن أن تصبح دائمة ، فإن باتت مستمرة غير منقطعة فسوف تدخله في الاكتئاب وهذا ليس موضوعنا في هذه المقال.
إنّ الانصهار في الحزن لن يرد مفقودًا كونه رحل وانطوت صفحاته،هذا شيء إيماني ينبغي التسليم به، لكن التأثير الأعمق ربما يتوسع ليمتد جوانب أخرى في حياة الفاقد وهذا لا نريده ولا نرغب أن يصل إليه أيُّ شخص.
إنّ أول هذه المؤثرات العكسية تشمل الصداقة والأهداف والأحلام والطموحات فإذا امتد الحزن لها أصبحت بمثابة الاستجابة لمظاهر الحزن بالتالي فالمحاولة للتخطي ستكون صعبة، والانغماس في تذكر المفقود سيؤبد الضرر أكثر.
أنصح بالآتي: 1/ امتصاص الخسارة وقبول الواقع ويتمثل ذلك في مواجهتها حتى نستطيع التكيف والانطلاق للأمام… 2/ترك مساحة كافية للعاطفة حتى نستطيع جلبها للخارج بعدها يمكننا التسلل لنقاط الوعي والإدراك ؛ مما يسهل علينا معالجة المشاعر ويمكننا ذلك عن طريق الأصدقاء الموثوق بهم وإن لم يكن ذاك فالأفضل الانشغال في أي مجال يساعد على التأقلم كالرسم أو الكتابة أو السفر أو الدخول في مشروع أو التعلم أو اكتساب مهارة تخرج الشخص من الحزن المؤذي.3/ التكيف مع الحياة بعد المفقود ليس يسيرًا إنما يمكننا التخلص من ذاك الشيء بفصل التعلق المطلق والخروج بالنفس إلى التعلق المقيّد ، أي أنه لا ينبغي نسيان أننا سنتبعهم شئنا أم رفضنا وسوف يكون الحزن علينا كما كان الحزن عليهم، هذه من الضرورات التي تدخل في باب الواجبات للنهوض بالنفس بعد الخسارة ، يلزمنا أن نتكيف ونغيّب المفقود قليلا ً لا تقليلاً من أهمية فقده.4/بعدما نشعر بأن التوازن عاد للنفس هنا ممكن أن نبدأ في التعافي، في الختام نحن في هذه الدنيا ضيوف وسنرحل منها كلنا.
علي بن عيضة المالكي
كاتب راي