الانتماء الشكلي

يعتقد البعض أن الدين الإسلامي يتوقف على الإيمان والتسليم بالأركان الخمسة ويكتفي بذلك معتقدين خطأً أنّ أهدافها سوف تتحقق في حال القيام بها وأدائها، وأنهم سيقطفون ثمار عباداتهم ببساطة من غير مشقة وبلا تعب، هذا الاعتقاد خاطئ برمته ، اعتقاد مبني على ظنون كثيرة ، لكن تأكيده في النفس لا يتم إلا بتعلم الأخلاق وممارستها باستمرار حتى تصبح متأصلة داخل الذات ومنطبعة كليًّا فيها.
فالصلاة وسائر العبادات المفروضة كصوم شهر رمضان المبارك وفضل صيام الأيام المباركة التي بينتها لنا السنة النبوية وحج بيت الله الحرام وإخراج الزكاة ، كلها عبادات يجب على المسلم القيام بها وفوقها وأولها النطق بالشهادتين إيمانًا وعقيدة، لكن لو أن تلك المفروضات الشرعية لم تتمازج مع ما يمارسه المسلم من قول وعمل! بربكم ما الذي سيحدث له في حياته ، وسائر عمله! يخرج الزكاة فيقوم بالتفضل على مستحقيها، يتصدق ثم يجاهر بصدقته، ينفق ثم يرائي بإنفاقه حتى يعلم القاصي والداني.
إنَ الانتماء الشكلي الذي يقوم به البعض مع الله، ولكنه يمارس خلاف ذلك الانتماء لا يكفيه أبدًا لبلوغ الهدف.
عندما يمارس المرء الظلم، والكذب، والفجور ، والنفاق هذا لا يكفيه مطلقًا بل يجب عليه العمل باستمرار للتخلص من هذه الخصال الذميمة ليصلح شأنه مع الله ويتخلص من الانتماء الشكلي.
إننا نشاهد يوميًا مفارقات عجيبة ، وممارسات مكروهة لا تتناسب مع حجم ومكانة هذا الدين العظيم ، فالبعض يضع القرآن الكريم على مكتبه ، وفي سيارته ، حتى أنك تجده يفتح جهاز الهاتف المحمول ويحمّل تطبيق القرآن الكريم ؛ بل أنه يضعه على سطح المكتب لجهازه ، في بادرة طيبة لكنه للأسف لا يتعامل كما يجب مع ما ينبغي عليه اعتقاده والعمل به ، بل كأنه لم يفتح صفحات القرآن الكريم ولم يقرأ سوره وآياته المعجزات التي تعظه وتعظ غيره عن الكراهية ، والبغضاء ، والحسد، والغيبة ، والنميمة ، فيخالف ما جاءت به من إرشادات ، ويمارس خلافها.
أيضا نجد البعض يزاحم الناس ،في أداء العمرة ، وربما لقيته يؤديها في العام مرات عديدة ولكنه يشتم هذا ، ويسب ذلك ، ويعتدي على أموال الناس ، ويأكلها بالباطل ، ينغمس في سلوكيات أبعد ما تكون عن سلوكيات الإنسان المسلم، يكيل الحق بمكيالين ، فيأمر بالخير وهو للشر أقرب ، ويأمر بالصلاح ، وهو للانحراف أدنى ، يدًعي المثالية والوسطية ، وهو أقرب إلى الأحادية والتطرف الفكري يحلل لنفسه ما يشاء ـ وقت ما يشاء ، وكيف يشاء ، ويحرم على غيره كل مباح، يجيز لنفسه ما لا يجوز لغيره ، لا يقبل أن ينتقده على خطئه الناس بينما يبيح لنفسه الطعن في الآخرين وفي الذمم ، كثيرة هي المواقف ، وعديدة هي الصور التي نشاهدها تعكس حالة التناقض التي يعيشها البعض في حياته ، وتوضح لنا كم هو متغلغل ذلك المرض في نفوس البعض.
تلك السلوكيات تنبئ عن خلل ما في النفوس، خلل يكاد يأكل أرواحهم ، خلل لا يتوافق مع تعاظم مكانة المسلم وجمال تعاليم الدين الحنيف ، وما يبذله أيضا الدعاة والأئمة والخطباء والوعاظ الثقات في تبصير المسلمين بما يجب عليهم تعلمه وممارسته.
إننا أمام حالة غريبة تحتاج إلى دراسة، حالة لو استمرت سوف تدمر أجيال ، وترهق المعلمين والمعلمات ، وتوجع الآباء والأمهات، بل حتى الأنظمة سوف تتضرر ويصيبها الإعياء ، وينتشر الفساد لو تمكن هؤلاء الشكليين من صنع القرار.
انتهى.
علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي
نعم صحيح👍
العبادات تكون بين العبد وبين الله فقط ، لذا نتعجب كثيرا ممن يمارس التصوير أثناء تأدية العمرة أو أثناء فعل الخير أو الصدقة ، فكيف سيتقبل الله منه عمله ، فقد يذهب هباء منثورا ..
شكرا لك لك أ. علي على انتقائك لمثل هذه المواضيع الهامة والتي تكاد تكون ظاهرة للأسف الشديد .
تحياتي💐
🌺🌺🌺
يلهمنا مرورك ودعمك( كاتبتنا المبدعة) للمزيد من الكتابة.
أستاذة ابتسام أنت رقم صعب.
شكرا لك