الاستغلال الخفي

الاستغلال الخفي
ما أن يطلّ الأسبوع الأخير من كل شهر، حتى تتفاجأ بأنك لست المترقّب الوحيد لراتبك، ولا أطفالك أو أسرتك، بل هناك من يترقّب أيضًا، وهو أكثر خطرًا وجشعًا. عباراته جذّابة مثل: “لا تنتظر نزول الراتب!”، “عروض ما قبل الراتب بدأت!”، و“اشترِ الآن وادفع لاحقًا!”.
هذه الإعلانات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المشهد الاستهلاكي في مجتمعاتنا، وتُعرف باسم “إعلانات ما قبل الراتب”.
فهل هذه الظاهرة صحيّة؟ وهل تصبّ في مصلحة المستهلك، أم في مصلحة السوق فقط؟
إعلانات ما قبل الراتب، يا سادة: هي حملات تسويقية تُطلقها المتاجر والشركات قبل أيام من نزول الرواتب، وتستهدف شريحة واسعة من الناس الذين ينتظرون رواتبهم لتسديد التزاماتهم أو تلبية احتياجاتهم. غالبًا ما تتضمن خصومات، تسهيلات في الدفع، أو هدايا مرفقة بالشراء.
لكنها في حقيقتها فخ استهلاكي، وليست “فرصة ذهبية” كما يحاولون إقناعك، فهي تُحفّز الشراء العاطفي أو الاندفاعي، غير القائم على الحاجة، بل تدفعك للشراء بالدين من خلال برامج مثل “اشترِ الآن وادفع لاحقًا”، ما يزيد الأعباء المالية، ويساهم في ترسيخ ثقافة الاستهلاك، ويجعل الإنفاق عادة لا ضرورة.
وإن كانت هذه الحملات من منظور السوق جزءًا طبيعيًا من حركة الاقتصاد والتنافس التجاري، فإنها من منظور المستهلك تتحول إلى ظاهرة غير صحيّة، حين تُستغل فيها العواطف وتُعرض على من لا يملك ميزانية كافية، فيندفع للشراء بدافع العروض لا بدافع الحاجة.
ولذلك ، لم يعد الخيار الأفضل هو التوفير فحسب، بل أن تكون مستهلكًا ذكيًا.
وأن لا تقع ضحيةً لوسيلة ذكية للشراء، أو فخٍ مموّه يُستنزف فيه راتبك قبل أن يصل إلى جيبك.
فالأمر في النهاية ليس في الإعلان ذاته، بل في طريقة تعاملك معه. فإما أن تكون أنت المتحكم، أو تكون مجرد مستهلك آخر في طابور طويل من ضحايا الإعلانات البراقة.
• حدّد احتياجاتك مسبقًا من طعام وأدوات منزلية ومستلزمات شخصية.
• التزم بميزانية واضحة.
• قارن الأسعار بين المتاجر.
• تأكد من حقيقة العروض.
• تجنب الشراء بالدَّين ما استطعت.
• احذر الإفراط في استخدام البطاقات الائتمانية.
• وأخيرًا: اشترِ وأنت هادئ، غير مرهق أو متوتر، ولا تتعاطف مع نفسك المرهقة في نهاية اليوم.
و بهذا تكون متسوقًا ذكيًا، لا مساقًا مستهدفًا، وتمتلك وعيًا ماليًا كافيًا لمقاومة حمى الشراء الموجّه.
فاطمة سعد الغامدي