رحيق الكلمات
الاستعمار والمستعمرون

إبراهيم الدعجاني
الاستعمار والمستعمرون
عَارٌ .. عَارٌ.. عَارٌ ..
وَعَلَى الْإِنْسَانِ الطَّاهِرِ عَارْ
قَدْ كُنْتُمْ فِي جَهْلٍ وَدَمَارْ
فِي فِكْرٍ .. فِي دِينٍ ..
فِي شَكْلِ الْإِنْسَانِ الْمُنْهَارْ
وَشَرِبْتُمْ مِنْ أَثْدَاءِ نِسَاءٍ يَتَسَكَّعْنَ وَالْغُرَبَاءْ
وَيَنَمْنَ عَلَى صَدْرِ الْبَادِي وَعَلَى فَخِذِ الْجَارْ
يَتَرَعْنَ الْخَمْرَ..
وَيَمْسَحْنَ الْبَوْلَ السَّاقِطَ مِنْ بِنْطَالِ الْبَارْ
عَارٌ .. عَارٌ.. عَارٌ ..
وَعَلَيْكُمْ لَعَنَاتُ النَّاسِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فِي الدُّنْيَا..
حَتَّى مَوْطِنِكُمْ فِي النَّارْ
جِئْتُمْ بِسِلَاحٍ أَسْوَدْ..
وَعَقِيرَةِ فَاشِيٍّ فِي جَيْشٍ جَرَّارْ
وَتَقُولُ قَدِمْنَا نُعَلِّمُ آيَاتِ الشَّرَفِ
نُغْنِيكُمْ مِنْ فَقْرٍ دَامٍ يَغْتَالُ الدَّارْ
لَا لَا .. يَا أَبْلَهُ مِنْ فَأْرٍ
لَا .. لَا …
يَا قَوْسٌ مَنْحُوتٌ مِنْ سِنِّ حِمَارْ
جِئْتُمْ تَأْكُلُوا خُبْزَتَنَا..
وَتُهِيلُوا عَلَيْنَا أَنْهَارًا مِنْ مَوْتٍ..
وَجِبَالٍ وَقِفَارْ
عَارٌ .. عَارْ
شاعر سعودي
أستاذي الجليل …وأديبنا النحرير محمد الفريدي
شكرًا جزيلًا على هذا الاطراء الجميل النابع من قلبك الواعي وحسك المرهف.
أسعدتني بهذه القراءة النقدية الثرية التي لامست جوهر القصيدة وأبحرت في أبعادها الإنسانية ومراداتها السياسية. أنت لست شاعرًا متميزًا وحسب بل شغوف بكل ما يرتقي به الانسان، فكرًا ونقدًا وشعرا.
بإحساسك المرهف ألتقطت تفاصيل دقيقة جعلتني استشعر حياة أخرى في القصيدة،
شكرًا لروحك الناقدة المتذوقة، ولقلبك النابض بالشعر
محبك
إبراهيم الدعجاني
أنا لست بشاعر ولا ناقد، أنا مجرد قارئ متذوق للشعر، وأحيانا، في قمة عطائي، يطلق علي شويعر، فلهذا اسمح لي يا دكتور إبراهيم أن أقول:
إن قصيدتك هذه ليست مجرد كلمات موزونة، بل هي زئير مدو في وجه الظلم، وصفعة على وجه التاريخ، تفضح المستعمرين الجدد، وتكشف زيفهم وخداعهم.
في كل بيت، نلمس قوة البيان، وحرارة الغضب، وصدق الشعور، وكأن كلماتك تحمل سيفا مسلولا في وجه هؤلاء الطغاة.
كما أن تصويرك للاستعمار لم يكن تقليديا، بل اخترقت صميم فساده، وأبرزت قبحه دون تجميل، حين قلت:
“وشربتم من أثداء نساء يتسكعن والغرباء
وينمن على صدر البادي وعلى فخذ الجار”
لقد كشفت حقيقتهم، وفضحت سقوطهم الأخلاقي الذي يوازي جرائمهم السياسية، فجاء تصويرك جريئا، حادا، لا يدع مجالا للمواربة أو المجاملة.
وما أجمل تهكمك عليهم حين سخرت من دعاواهم الكاذبة، إذ قلت:
“لا لا .. يا أبله من فأر
لا .. لا …
يا قوس منحوت من سن حمار”
هذه صفعة شعرية تفضح استعلاءهم المزيف، وتعيدهم إلى حقيقتهم الهزيلة، التي طالما حاولوا إخفاءها خلف قوتهم العسكرية.
ذكرتني الأحداث الجارية وقصيدتك بقول نزار قباني رحمه الله، عندما وصف المستعمر الذي يتقمص دور المخلص:
“قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر”
وكأن التاريخ يعيد نفسه، والمستعمر هو ذاته، يأتي بسلاح أسود ووعود كاذبة، ليحمل الموت والدمار لنا ولمنطقتنا باسم الحضارة.
شكرا شاعرنا الكبير، الذي لا يكتفي بأن يكتب، بل يقاتل بالحروف، ويجعل من القصيدة ميدان مواجهة.
قصيدة أكثر من رائعة، تطويعك للأوزان في كل قصيدة يأتي سلسا وقويا في آن واحد، وكلماتك تنبض بالحياة وكأنها طلقات لا تخطئ أهدافها.
دمت سيدي شاعرا لا يهادن، وصوتا لا ينكسر، وقلما يعيد للشعر هيبته في ساحات النضال.
محبك
أبو سلطان