كُتاب الرأي

الإيجابيون …سفراء فوق العادة.

 

في خوض المرء مع الجموع البشرية بحثاً عن لقمة العيش وبحثاً عن توفير الاحتياجات الأساسية والضرورية له ، ولمن يعول يرى ويسمع ويقف على فئام من الناس لا يستطيع حقيقة أن يتجاوزهم إلى غيرهم لما وهبهم الله تعالى وحباهم به من حسن المخبر والمنظر ! من حسن الصورة وحسن الخلق ! ومن الصفات الشريفة والأخلاق الفاضلة النظيفة والأدب الكريم الأكرم الرفيع ! .

حقيقة الأمر أن الله تعالى خصّ بعض الأنام بخصائص تُرى من الكمال الإنساني الرفيع العالي ! ومن المعاني التي تسعى الإنسانية جميعاً إلى غرسها في الجيل بعد الجيل والرعيل بعد الرعيل ويتوارثها البشر بينهم ويتواصون عليها ،بل قد يذهب العاقل بعيدا وبعيدا جدا عندما يرى أن تسن لحياة بقية الناس الذين لا يتصفون بتلك الخصائص والصفات ، القوانين الصارمة حتى تبقيهم أحياء ويتمتعون ببعض تلك الصفات والسمات الفاضلة ! وحتى يعيشوا في ظل سياج الأخلاق والفضائل القويم !.

أقرب الأمثلة والتي تختصر مرور القرون والأعوام وأنصرام الأعمار النظر بهدوء إلى جريان اليوم والليلة أمام البشرية وتقلب اليوم والليلة في المراحل أو الساعات التي تمر بها

بدايات مشرقة ثم محرقة ثم يتصاعد النهار إلى أوجه ثم يتدرج في النزول حتى يلقي بظلاله أمام الليل الجارف والسلطان الكبير ؛ وفي الضجيج الكبير يشاهد المرء أصناف الخيرات والبركات والمسرات والعطايا وصور الشرور والآلام والأحزان والسموم والمصائب والآثام ، ويشاهد لكل بغاته ودعاته وهداته.

في هذه الحياة الدنيا الكبيرة والعريضة والجميلة هناك أحياناً كثيرة يقف كثير من المخلصين الصادقين لنشر الخير والود والمحبة والرأفة والسلامة والعافية والسكينة والإحسان بين الناس؛ ويجد بعضهم العنت من بعض الأنام والإستهزاء والسخرية.

ومع ذلك يمضون في طريق الصفح والعفو والغفران والقيام بما يرونه واجباً جميلاً في الدعم والتحفيز والتشجيع للوصول إلى الخير الذي يرونه ويشاهدونه.

في غفلة منا أو حتى في غاية التركيز في العمل يقع ما نراه مكروهاً ونرى حيناً أن الأبواب التي كانت مشرعة مفتّحة أغلقت وأحكم إغلاقها ! ولا سبيل لحل قريب يلوح في الأفق ! فيما رأينا وتصورنا نحن !

وفجأة يأتينا صوت من خلفنا أو حولنا لزوجاتنا الصالحات الكريمات الطاهرات الحبيبات المؤمنات العفيفات فيقلن في ثبات ويقين لنا : هناك أمل ! وذاك الباب ما زال مفتوحاً ! ويمكن أن تحاولوا مرة أخرى ومرة أخرى ولا تيأسوا من المحاولات! حاولوا وحاولوا وسوف تجدون وتحققون ما تريدون بأذن الله تعالى فقط توكلوا على الله تعالى وتحركوا من هنا ! فيأتي من تلك الكوة الضيقة الفرج القريب والخير الرحيب ! .

قد نرى ونحن في عجلة الحياة توقفنا فجأة ولم نتحرك بسهولة ؛ فيأتي ذاك الحبيب من الأقارب أو الأحباب والأصحاب فيقول لنا : فقط تحركوا قليلا بهذا الإتجاه وسوف تنفرج الكربة بعد الضيق والحمد لله رب العالمين يكون ذلك وهكذا صور الحياة الدنيا الجميلة يدعمها بعض الأنام العظام ؛ فيشاهدون من الخير والهداية والصلاح والتوفيق والفضل العظيم ما لا يشاهده بعضهم !.

الإيجابيون في حقيقية الحياة الدنيا الجميلة هم سفراء فوق العادة للنوايا الحسنة هم كالورود الجميلة التي تبث شذاها للآفاق وللناس جميعاً وهم كالأرض الجميلة الطيبة التي تحب كل من يطأ عليها ؛ وهم كالشمس المشرقة الرائعة التي ترسل أشعتها وحرارتها وجمالها للناس جميعاً للمخلوقات والكائنات كلها ؛ لعوالم الجمادات والنباتات والدواب ، إنها صورة من صور الحياة الطبيعية الجميلة.

الإيجابيون حقيقة هم السماء الزرقاء الجميلة في دنيا أراضي الناس ، وهم الأشجار الخضراء الباسقة المثمرة الكريمة التي أصلها ثابت وفرعها في السموات ، وهم الأنوار والشموس في ظلمات أهل الأرض ، وهم الكواكب الدّرية الساحرة في أفلاك الناس ، وهم الماء الفرات السائغ الشراب ، وهم القوى السحرية الناعمة التي تهدي وتدعم الآخرين .

قد تجدهم في بيتك في أسرتك يقيمون معك ؛ في زوجتك الحبيبة ، في زوجك الحبيب ، في أولادك البررة ، في العاملة التي تعمل معكم أو العامل الذي يعمل معكم في البيت ، وقد تلقاهم في عملك ووظيفتك وتشاهدهم في الطريق وفي المقهى وفي السوق وفي دور العبادة، وقد يأتيك خيرهم وتوجيههم لك عن طريق بعض قنوات التواصل الإجتماعي.

الإيجابيون حقيقة هم طراز فريد من البشر صدقوا مع الله تعالى ثم صدقوا مع أنفسهم ثم صدقوا مع الناس كآفة،

يعملون ويكدحون ويتعبون ويصحون ويمرضون ويصابون
بمثل ما يصاب به الناس بيد أن لهم أفقاً عالياً وخلقاً رفيعاً وتصوراً مشرقاً للحياة الدنيا الجميلة في عيونهم ونظرهم وحسن ظن بالله تعالى في كل وقت .

وفي كل حين من ليل أو نهار من حرب أو سلم من صحة أو مرض من غنى أو فقر فهم هم يرون الخير ويحثون الناس على حسن الظن وحسن العمل .

ولذا تجد أن هؤلاء الناس يتميزون عن غيرهم بالصفات والمميزات التالية :

أولاً : الإيمان العميق بالله تعالى وحسن ظنهم به تبارك وتعالى.

ثانياً: يملكون التصور الحقيقي عن حياتهم ومعاشهم وأوقاتهم .

ثالثاً: هم واقعيون لا خياليون في معظم حياتهم وتصرفاتهم.

رابعاً: في أغلب شؤونهم الحياتية هم متزنون فيها .

خامساً: الهدوء والصبر والتحمل والطمأنينة في التعامل مع الأحداث والوقائع والآلام والأحزان مهما كانت وصارت من تحديات وصعوبات ومشكلات.

سادساً: يملكون الحدس العالي وحس المرهف في تلمس أحوالهم وأحوال الناس والقدرة على الرؤية الواضحة رغم الأتربة والضباب اللذان يحجبان تلك الرؤية .

سابعاً: تجري عليهم الأقدار كسائر الناس والمخلوقات والعوالم من الأمراض والأسقام والعلل والفقر والعوز ويقع عليهم ما يقع على الناس بيد أنهم أكثر صلابة وأقوم عودا وأشد بأساً ! .

ثامناً: يملكون المبادرة العملية الواقعية والخطة العملية والدافعية العالية في السمو بأحوالهم والسمو بأحوال الآخرين نحو ما يرونه هو الأفضل والأرقى.

تاسعاً: يتواضعون كثيرا عند تقديم الخير والخدمة لغيرهم ويرون أن الآخر من حقه هذه الخدمة التي يحرصون على تقديمها…ويحاولون المشاركة فيما يقرر الآخرون من خير لهم .

عاشراً : يظهرون ويبطون الحب والعطاء والبذل والتضحية والإيجابية للناس ولذا يشعر الناس بهذا العطاء والبذل والتضحية والإيجابية فيشكرونهم عليها .

وهؤلاء الفئام من الناس موجودون في حقيقية الحياة الدنيا الجميلة ولنا فقط أن نعيد النظر في زواياها المختلفة والمتباينة فسوف نجدهم هنا وهنا و هناك وهناك …
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يكثرهم وأن يعينهم وأن يوفقهم في مجالات الحياة الدنيا الجميلة .

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى