(الإدارة المالية للأسرة السعيدة )

يبقى المال هو عصب الحياة وقوتها والوسيلة ذات الفعالية العالية في التحسين والتطوير والبناء في الحياة ، وهو مع ذلك الأغلى عند بعضهم موجوداً ومفقوداً ، وحاضراً وغائباً ، وكثيراً وقليلاً .
زين للناس حب المال كما قال الله تعالى في القرآن الكريم ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل السومة… الآية ) .
فالنفوس مفطورة على حب المال الحب الذي يسري في العروق وتخفق له القلوب ، وتشتعل له الأرواح والهمم.
لكي تغطي النفوس البشرية احتياجاتها فهي تحتاج للمال كوسيلة كريمة تصرف في مكانها وقبل ذلك يدخل عليها بالحلال والطرق المشروعة حتى يرضى بذلك الله تعالى ويجعله مباركا كريما معينا ومساعد لهم في مراحل حياتهم .
والأفراد قبل تكوين وتشكيل الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة يجب أن تكون مفاهيم ومعلومات ومعارف ومهارات إدارة المال موجودة لديهم وعندهم ؛ ويمارسون ذلك منذ نعومة الأظافر مع السنة السادسة والسابعة من عمر الأطفال ويؤكد عليهم في المراحل التعليمية عند الدخول في المرحلة الابتدائية والمتوسطة ويتم اختبارهم في المرحلة الثانوية.
كما نهتم ونسعى إلى تعليم وتربية وتهذيب وصياغة النشء على حسن الأخلاق والمحافظة على القيم والمبادئ علينا أن نهتم بتدريبهم على مهارات الحياة المالية الإقتصادية كذلك!
كثير من الأفراد والأسر تشتكي من سرعة إنتهاء الراتب الشهري أو سرعة نفاذ الدخل الشهري ، وعند سؤالهم : هل خططتم لنفقاتكم ومصروفاتكم ؟ هل هناك إدارة حقيقية للراتب أو الدخل الشهري ؟ هل يمكن أن نغير بعض العادات حتى نتمكن من التوفير والإدخار المالي ؟
الإدارة المالية للأسرة هي إجراءات متفق عليها بين الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة ، بين الأزواج والزوجات في كيفية سداد النفقات ؟ وكيفية الادخار ؟ وكيفية مراقبة التسربات المالية المعيشية؟
وتحديد النفقات المالية الثابتة ؟ ! وتحديد النفقات المالية المتغيرة ؟!
والإتفاق على تفاصيل الميزانية الأسرية الشهرية والسنوية ، ورسم خارطة المصروفات خلال الأسبوع والشهر والعام .
وتحديد المسؤوليات والمهام لأفراد الأسرة الكريمة.
هناك بعض الأسر الكريمة والعوائل المحترمة تقول بلسانها : إن نفقاتها ومصروفاتها تساوي تماماً الدخل الشهري الذي تحصل عليه ؛ وتصل إلى نهاية الشهر بأعوجبة لكي تتنفس الصعداء عندما تبصر قدوم الدخل الشهري الجديد . وهكذا هو الحال بها طوال العام والعوالم وربما إلى هذه الساعة المباركة.
هؤلاء في نعمة وعافية وستر مقارنة بالذين يقولون لدينا دخل أو دخول شهرية والحمد لله رب العالمين لكننا في طريقة الإدارة المالية المعيشية لشهرنا ننفق جميع الدخل ونزيد عليه كذلك . ونحن في قلق اجتماعي دائم منذ إطلالة نزول الراتب الشهري إلى الراتب الشهري الذي يليه .
الحياة وطبيعتها المتجددة والمتغيرة تحتاج إلى حسن إدارة في جميع شؤونها ومجالاتها ومرافقها وصغارها وكبارها والتركيز أحياناً في التفاصيل التي نراها صغيرة لكن أثرها كبير على طول الحياة وعرضها .
ومن ذلك التخطيط والتنظيم والتنفيذ والمتابعة والمراقبة لخطة سير المال في حياتنا اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية ؛ فالهدف من القوة المالية للأسرة هو أن تعيش تلك الأسر وتلك العوائل في حياة إنسانية كريمة مطمئنة هادئة متحركة في صناعة وصياغة الإنسان الحقيقي المتزن والمتوازن.
لكي تصل الأسر الكريمة والعوائل المحترمة إلى ذلك الهدف العزيز النبيل فإن عليها :
أولاً : أن تحدد مصادر دخلها بعناية كبيرة، وتحسب بالورقة والقلم : ما الرقم المالي الذي يدخل عليها ؟ كدخل ثابت مالي بشكل يومي أو شهري ؟ .
ثانياً: أن تحدد النفقات الشهرية الثابتة ، ومقدار المبالغ المالية التي تنفق في تلك النفقات الثابتة والتي لا يمكن التحكم بها.
والتي تأخذ مقدار ( 50) % من إجمالي الدخل الشهري.
مثل : الإيجارات والأقساط الثابتة وغيرها .
ثالثاً: أن تحدد النفقات المتغيرة والتي يمكن التحكم بها خلال اليوم أو الأسبوع أو الشهر ، والتي تأخذ مقدار ( 30 ) % من إجمالي الدخل الشهري مثل نفقات التسوق ، ونفقات الفواتير وغيرها .
رابعاً: أن تحدد النفقات المالية التي تذهب للتطوير والترفيه والإدخار والتي تأخذ من إجمالي الدخل الشهري ( 20 ) %
يأخذ منها ( 10) % كحد أدنى للإدخار.
إن العناية والإهتمام بإدارة الدخل المالي في شؤون الأسر الكريمة والعوائل المحترمة وحراسة النفقات الثابتة والمتغيرة والسعي إلى :
ترشيد النفقات والمصروفات
تنويع وزيادة ومصادر الدخل
تقليل النفقات والمصروفات
يؤدي ذلك إلى القوة والوفرة المالية المعيشية والإدخار المالي الجيد والحياة الزوجية والأسرية السعيدة.
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.