الأمانة سرّ النجاح الحقيقي
الأمانة سرّ النجاح الحقيقي
في بلدة هادئة تقع بين الجبال والوديان، عاش صبي اسمه يوسف، يبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة. كان يوسف معروفًا بين الناس بذكائه ونشاطه، لكنه كان فقيرًا، يعيش مع أمه في بيت صغير بعد وفاة والده. كانت أمه دائمًا تردد عليه قولها:
“يا بني، قد لا نملك المال، لكننا نملك أغلى من ذلك، وهي الأمانة، فهي تاج على رأس كل إنسان صادق.”
كان يوسف يسمع كلام أمه ويحفظه في قلبه، لكنه لم يدرك معناه العميق بعد.
وفي يومٍ من الأيام، قرر يوسف أن يبحث عن عملٍ ليساعد أمه. ذهب إلى السوق وسأل الناس عن عمل، حتى وجد رجلاً طيبًا يُدعى الحاج سالم، يملك محلًّا كبيرًا لبيع الفواكه والخضروات.
قال يوسف بخجل:
“عمي، هل يمكنني أن أعمل عندك؟ أريد أن أساعد أمي.”
نظر إليه الحاج سالم وقال:
“سأجربك يا بني لمدة أسبوع، وإذا كنت أمينًا ومجتهدًا فسأجعلك تعمل معي دائمًا.”
فرح يوسف، وبدأ العمل بكل جد ونشاط. كان يستيقظ باكرًا، ينظف المحل، ويرتب البضائع بابتسامة. وكان الحاج سالم يراقبه بإعجاب، خاصةً عندما لاحظ أنه لا يأخذ شيئًا دون إذن.
وفي أحد الأيام، نسي الحاج سالم صندوقًا من المال في المحل وغادر على عجل. وعندما جاء يوسف صباحًا، رأى الصندوق مفتوحًا، وفي داخله مبلغ كبير من النقود. شعر يوسف بالدهشة، وتردد قليلًا، ثم تذكّر كلام أمه:
“الأمانة هي أغلى ما تملك.”
فأغلق الصندوق ووضعه في مكان آمن، ثم انتظر حتى عاد الحاج سالم.
وعندما عاد الرجل، بدا عليه القلق وقال:
“يا إلهي! أين الصندوق؟ لقد نسيت المال في المحل!”
اقترب منه يوسف وقال بهدوء:
“لا تقلق يا عمي، لقد وضعته في مكان آمن، ها هو الصندوق كما تركته تمامًا.”
نظر إليه الحاج سالم بدهشة وفرح، وقال:
“كنت أختبرك يا يوسف، وأردت أن أرى إن كنت تستحق الثقة. لقد نجحت في الاختبار يا بني، فأنت صادق وأمين، ولهذا من اليوم ستكون شريكي في المحل، لا مجرد عامل!”
اغرورقت عينا يوسف بالدموع وقال:
“هذا بفضل دعاء أمي وتعليمي لها.”
ومنذ ذلك اليوم، أصبح يوسف مثالًا للأمانة في البلدة، وأصبح محله من أنجح المحلات، لأن الناس كانوا يثقون به. وتعلّم الجميع أن الأمانة لا تُكسب المال فقط، بل تكسب احترام الناس وحب الله.
بقلم✍🏻 ريم عبود بافنع