الأبعاد الإنسانية لمعاني العيد

أتفقت البشرية على الإحتفالات والكرنفالات الكبيرة وإظهار المعاني الإنسانية الأصيلة في حياتها ومراحلها في العام والشهور والأيام المختلفة ؛ فالبهجة والسرور وتغيير ألوان الحياة الرتيبة ومحاولة جلب لحظات الأفراح والتغلب على التحديات والصعوبات والمؤثرات التي توجهها في أيامها وأسابيعها وشهورها كان من الدوافع والحوافز التي دفعت وحفّزت الناس على الإتفاق على مواعيد أيام البهجة والسرور والسعادة.
ولنا في أيامنا هذه مع تقدم وسائل التواصل الإجتماعي أن نشاهد ونستمتع بما تقوم به كل الشعوب في أعيادها الوطنية والثقافية والاجتماعية والدينية ، وما يصلنا من مشاعر الفرح والسرور والسعادة والأمل والحبور وهم يؤدون ويعيشون ويحييون هذه الإحتفالات والمناسبات العظيمة ، وما يرسمونه بألوان ملابسهم وبأشكال صورهم وحركات رقصاتهم وجمال أصواتهم.
إن البشرية بفطرتها وطبعها تحب الأفراح والبهجة والسرور والسعادة والأمل والحبور وتحب أن تعيش هذه اللحظات التي ربما تفقدها أو فقدتها في هموم وغموم وأحزان الحياة اليومية المختلفة والمتباينة
فهي تحتفي بالمناسبات الوطنية بطرق ووسائل ساحرة ورائعة ونفيسة وكذلك عندما تمر عليها المناسبات الدينية والثقافية تعيش اللحظات وتبث الأفراح وتعيش فيها وتلهج بالمحبة والود والحنان للجميع كذلك في المناسبات الرياضية والاجتماعية.
وقد فطنت هيئة الأمم المتحدة ممثلة في منظمة اليونسكو مبكراً إلى الجوانب العاطفية والمشاعر الإنسانية التي يحملها الناس على إختلاف أعراقهم والوانهم وثقافاتهم وأديانهم ودولهم ومدنهم فسعت ونظمت المناسبات الإنسانية على مدار أيام العام فهذا يوم العلم وذاك يوم المرأة وذلك يوم الأم وهذا يوم الحب وذاك يوم السلام وهذا يوم الضحك والابتسامة وهذا يوم الشعر والقصيدة وهكذا وزعّت المناسبات السعيدة والأحداث التي تذكر الأمم بأيام العام فالعام كله أيام تحتفي بها المنظمة عبر البشرية في بلدانها.
ولم يكن الدين الإسلامي بمنأى عن سعادة الإنسانية الأصيلة فهو دين الله تعالى ودين الفطرة والطبيعة البشرية السليمة التي تحب الأفراح والسعادة فقد رسم هذا الدين السعادة والتفاؤل والعطاء والتعاون والأمل والحبور من كلمته الأولى : لا إله إلا الله محمد رسول الله هذه العبارة العظيمة على بوابة مدينة الإسلام الفاضلة هي إكسير السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة فكلما نطق بها الإنسان الحقيقي أستقبل السعادة والسرور وأنشرح صدره ورأى الحياة بصورتها الحقيقية.
ومضت جميع تعاليم الإسلام وأوامره ونواهيهه تقرب السعادة الحقيقية للإنسان وتجعله يحس بوجوده ويشعر بإنسانيته ويعرف مهامه وأدواره ومسؤولياته في الحياة الدنيا .
إن القرآن الكريم والسنة المطهرة يرسمان للمسلم الطريق الصحيح للسعادة الدنيوية والأخروية ويصنعان منه إنساناً بالمعنى الحقيقي للإنسانية فهو يملك اليقين من العلم عن الله تعالى والحياة والكون والإنسان
وتأتي الأعياد في الإسلام لترسم وتغرس هذه المفاهيم الكبرى عند المسلم ومن ذلك :
١- وحدانيه الله تعالى وتجديد الإيمان به وزيادة القرب منه فهو تبارك وتعالى مع العبد في كل شؤون حياته وهو لن يتخلى عنه أبداً.
٢- إقامة المناسبات الدينية التي أذن الله تعالى بها أن تقام والتزام الهدى والسنة المطهرة فيها ، فهي للعبد عبادة وقربة ودين يدين الله تعالى به فيها .
٣- إظهار الأفراح بالإنجازات الكبرى في الإسلام فيأتي عيد الفطر بعد سباق قوي وكبير وعظيم
في صيام وقيام شهر رمضان المبارك .
٤- بث معنى ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحهم وتعاطفهم ..) وتحقيق ذلك المبدأ عملياً بينهم .
٥- على المسلمين أن يكونوا عناصر فاعلة متفاعلة تشترك مع البشرية في العمل الدؤوب والمثابرة وتحقيق الأهداف والمقاصد والإنجازات وتسعى إلى نهضة البشرية جميعاً .
٦- إعمار الحياة الدنيا والسعى إلى حياة أفضل وإلى غد واعد ليس ترفاً أو مستحيلاً وإنما هو حقيقية دينية مقدسة وقيمة إنسانية اجتماعية أصيلة ومطمع الإنسان المسلم السليم وعليها ينال رضى الله تعالى في الدنيا والآخرة.
٧- الحياة الدنيا وما فيها قد ربط ربها تبارك وتعالى بين نتائجها وما تحصل عليه من خير أو شر بالأسباب التي قد تجلب الخير والنفع والعزة والمتعة والسعادة والأمل
والغلبة والقوة والقدرة وما تجلب الذل والهوان والفقر والعوز والدروشة فمن بذل أسباب الخير حصل عليه وجنى ثمار غرسه ومن بذل أسباب الشر والعطب وجنى الحنظل والخسارة هنا وهناك .
٨- التغيير والتطوير سنة كونية وهو يجري على الكون والحياة والإنسان فالله تعالى يقول 🙁 كل يوم هو في شأن ) والمسلم الفطن اللبيب الكيس عليه فهم ذلك جيدا والحركة مع هذه السنة .
فعليه أن يسعى في الأرض لزيادة إيمانية وزيادة دخله ومعاشه وتحسين وضعه والعناية بأهله وأقاربه وجيرانه والإهتمام بشؤونه وليكن كالنملة في العمل وكالنحلة في نوعية الإنتاج والإبداع الشراب المختلف الألوان فيه شفاء وعافية وهداية وستر وفلاح ونجاح وفوز للناس أجمعين .
وكل عام وأنتم بخير ،،،
المستشار الأسري الدكتور
سالم بن رزيق بن عوض.