اكتب مذكراتك (1)

آفاق في عين العالم
اكتب مذكراتك (1)
وليد قادري
أحد الأسباب التي تقدم بها الفكر الغربي من وجهة نظري:
كتابة المذكرات..
هناك من كتب مذكراته بنفسه (Autobiography)، وهناك من استخدم من يكتبها عنه أو كُتبت بعد رحيله من متخصصين في كتابة السير الذاتية (Biography) ومن حسن حظنا أن تحولت معظم هذه المذكرات إلى كتب مشهورة وأفلام مقتبسة فازت بأرقى الجوائز العالمية، فمنها تعلمنا الكثير عن العظماء وأصحاب التجارب في الغرب والشرق، عن إنجازاتهم وعقباتهم وأخطائهم؟! لدينا أيضاً في ثقافتنا بالمقابل نماذج كثيرة في كتب السلف تحكي لنا وقائعهم، فقد كانوا يسردون يسردون تجاربهم أو تُسرد عنهم سواء بالشعر أو الحكايات والمواقف مثل ما ورد في سير أعلام النبلاء على سبيل المثال، وكم من التجارب لأشخاص عظماء ضاعت بسبب عدم تدوينها، والجميل في قراءة سيرهم أنك تستطيع نمذجة حياتهم من تلك المذكرات، واستنساخ تجاربهم فتستفيد منها وتسقطها على واقعك..
سنجد في العقد الحالي محاولات شبيهة لكتابة المذكرات غالباً في المدونات وفي مواقع التواصل الاجتماعي ولكن بشكل متقطع، وقليلٌ من استطاع أن يصدر كتاباً صغيراً يحكي تجربته في مجال معين..
فلا تحرمونا تجاربكم، تحدثوا عن أنفسكم، عن إنجازاتكم، عن عقباتكم، عن تصرفات أو قيم كانت خاطئة وعدلتموها – إلا ذنوب خفية سترها الله عليكم بالطبع-وثقوا بأن هناك من سيستفيد منها وقد تكون لك بصمة في حياتهم..
اكتبوا قصص نجاحاتكم وكيف حولتم جو الإخفاق الذي عصف بأشرعتكم إلى طريقة تعودون بها إلى المسار المفترض فلعل قصتكم تكون منارة نجاة لمن هم في منتصف العاصفة..
لولا الإخفاقات لما استشعرت طعم النجاح ولم تكن لديك قصة لترويها، ولولا النجاحات لما نظرت للخلف بنظرة رضا، عالماً أن العاصفة جعلت منك خبيراً في الملاحة، في تجنب المعيقات، في البحث عن المنارات التي ستهتدي بها في طريقك، لولا العاصفة لما أصبحت أقوى لتنجو..
ليس شرطا أن يجوب نجاحك الآفاق! أو يتحول لحكاية مروية أو تحفة سينمائية، ولا يهم أن تكون قصة كفاحك مشهورة ومنشورة، المهم هي قناعتك من الداخل بنجاحك ونظرة الرضا عن نفسك والطموح للمزيد، فلا تقلق من المعاناة وقلة التقدير، فالنجاح يخرج من رحم الفشل وأنت من يحدد من أنت ومن ستكون..
تخيل لو أن كل حياتك، سيرتك وقصتك وإخفاقاتها والدروس التي تعلمتها، وأفكارك وتأملاتك وكتاباتك، سيقرؤها أحدهم يوماً ما وستكون سبباً في إلهامه وتحفيزه
ليغير العالم مستقبلاً..
ربما تكون (أنت) الشرارة التي يحتاجها، سخرك الله له ليصنع التاريخ.
كاتب رأي

