اقطعوا الحِبال السُّريّة للأولاد

يبقى وجود الأولاد في حياة الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة من نعم الله تعالى العظيمة والكبيرة ، ومن الهبات والخيرات والبركات التي يمن الله تعالى بها على الأزواج الأفاضل والزوجات الفضليات .
وهم حقيقة من الأمانات الكبيرة التي وضعها البارئ تبارك وتعالى بين يدي الآباء والأمهات، وأمرهم تبارك وتعالى بالعناية بهم، وبحسن تربيتهم وتهذيبهم وتعليمهم والاهتمام الكبير بكل مراحل حياتهم، وبالتفاصيل التي تعينهم فيما بعد على أن يكونوا أفراداً صالحين مصلحين في حياتهم.
ومن ناحية الرعاية والتربية فجميع الآباء والأمهات يقومون بها ويؤدون ذلك ! لكنهم يتفاضلون ويتفاوتون في مقادير ما يحتاجه الأولاد من البنين والبنات تفاضلاً كبيراً واضحاً ؛ فهناك من الآباء والأمهات من يهتم بالرعاية وتوفير الاحتياجات الضرورية والأساسية من المساكن والمآكل والمشارب والملابس والمراكب ووسائل الترفية والتسلية واللعب لهم فقط ؛ وقد يهمل ما سوى ذلك أو لا يهتم به !
ومنهم من يهتم بذلك لكنه يوازن ويراعي ما بينها وبين الاهتمام بالتربية على الأخلاق والفضائل العليا والدين والقيم ،كل ذلك في طريق صناعة وصياغة الأولاد حتى يكونون على كامل الاستعداد لخوض غمار التحديات والصعوبات والعقبات في رحلتهم الطويلة في الحياة الدنيا.
مع كل تلك الجهود الطيبة الجميلة المميزة والرائعة تتشكل وتتكون لدى بعض الأولاد من البنين والبنات تصورات وأفكار وقناعات مختلفة ومتباينة عن تلك الرعاية والعناية والاهتمام من الآباء والأمهات ؛ فمن الأولاد من يفهم أن كل ما يقدمه الآباء والأمهات وخصوصاً بعد الحصول على الشهادة الجامعية وأصبحوا كباراً ورجالاً ونساء هو من باب الدعم والمساندة والتحفيز والتشجيع لكي ينطلقوا في ميدان الحياة الجميل والكبير ويقدموا أنفسهم للحياة العملية بالعمل والاجتهاد والإبداع والتميز والنجاح.
وهناك فئام من الأولاد يحصلون على الشهادات الجامعية ويرفضون الالتحاق بالعمل ؛ ويفضلون البقاء والاستمرار مع الآباء والأمهات وهم متعلقون متمسكون بذلك ، لا يرغبون في الاستقلال أو الخروج لمنافسة الآخرين في ميادين الحياة الواسعة والمختلفة.
قد يرى بعض الأولاد من البنين والبنات أن كل ما يحتاجونه من متطلبات الحياة الكريمة موجود لديهم ؛ فالآباء والأمهات لم يبخلوا عليهم بالأموال الكثيرة الوفيرة ! ولا بالسيارات الفارهة ! ولا بالمساكن المريحة ! ولا حتى بالتكليف بعمل شيء ! فهم في رغد عيش ! وراحة بال ! وسعادة وسرور!
فلماذا يخرجون للعمل ؟! ولماذا يجتهدون في الحياة؟! وكل ما يريدونه ويتمنونه وحتى يحلمون به بين أيديهم !
هؤلاء الفئام من الأولاد من البنين والبنات على الآباء والأمهات أن يقطعوا الحبل السُّري لهم ! وأن يدفعوا بهم إلى ميادين الحياة الواسعة والشاسعة الجميلة ؛ لكي يعملوا ويجتهدوا ويثروا الغبار في الأرض ، وأن يكونوا صالحين مصلحين في عجلة الحياة الإنسانية الجميلة الواعدة! .
إن من أدوار ومهام ومسؤوليات الآباء والأمهات الدعوة والحث والترغيب والأمر لهؤلاء الشباب والشابات والخريجات والخريجين بالدخول في مصانع الأعمال في الحياة ! والمغامرة والاجتهاد والاتقان والإحسان في جميع الأعمال والوظائف التي يقومون بأدائها.
إن الأعمال والوظائف والمهام والمسؤوليات للشباب والشابات ليست ترفاً ولا من الأمور السهلة البسيطة لا ! وإنما هم في مرحلة من مراحل الحياة الدنيا يجب وجوباً أن يعملوا ويجتهدوا ويصنعوا ويبدعوا ويعصروا تراب الأرض عصراً حتى يجنوا منها الذهب والفضة والثمار اليانعة والأموال الكثيرة !
ولكي نقيم لنا مدنية عظيمة وكبيرة وحضارة عريضة في طول الأرض وعرضها على الآباء والأمهات أن يقطعوا كل الحبال السُّرية للأولاد من البنين والبنات من الخريجات والخريجين ويدفعوهم دفعاً عظيماً إلى ميادين العمل والكدح فهي الحياة الجميلة الرائعة الممتعة لهم .
قال شاعر الزهد الكبير أبو العتاهية :
إنّ الشباب والفراغ والجِدة
مفسدةٌ للمرء أي مفسدة !
د. سالم بن رزيق بن عوض
المصلح والمستشار الأسري
شكرا جزيلا لك كاتبنا المبدع👏👏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا شكرا لكم على مروركم الجميل
وإلى الأمام دائما وابدا…