**لا تفوتك الطائرة. ياهذا ..ياهذه !!**
**لا تفوتك الطائرة. ياهذا ..ياهذه !!**
سمعت صوت مغنٍ يسأل الوابور: “رايح على فين؟”، وكأن السؤال يوجَّه لكل واحد منا..نعم، ربما فات القطار، لكنه لم يأخذ معه كل الرحلات. في الحياة ليست محطة واحدة، ولا سكة واحدة، ولا وسيلة واحدة للوصول.
كم من إنسان ظن أن الأبواب أُغلقت، ثم اكتشف أن الباب الأجمل كان ينتظره في ممر جانبي!
والمتفائل لا يقف على الرصيف يبكي القطار الراحل، بل يرفع رأسه، يبحث عن المركب، أو الطائرة، أو حتى يمشي على قدميه إن لزم الأمر.
الفرص لا تموت، هي فقط تتبدل أشكالها، وتتنكر أحيانًا لتختبر صبرك وإيمانك، فإذا فاتك القطار، فلتكن أنت القبطان الذي يقود سفينة أحلامه؛ فكم من حلمٍ قُبر قبل أن يولد، وكم من طموحٍ مات في المهد، فقط لأن أحدهم ألقى في وجه صاحبه عبارة باردة: “*فات القطار”.*
وكأن العمر رحلة واحدة بلا توقفات، وكأن الأقدار لا تعرف إلا الفرصة اليتيمة، وكأن الله لا يفتح بابًا بعد أن يُغلق آخر!
هناك عبارة يتداولها الناس وكأنها قانون لا يقبل التغيير: “*فات القطار”.*
يقولونها لليائس، فيزداد يأسًا… وللمتأخر، فيزداد بطئًا… وكأن الحياة محطة واحدة، إن لم تصلها في الوقت المحدد، انتهى كل شيء.
لكن الحقيقة أن هذه العبارة كاذبة، مثبطة، محبطة، مهدمة للأمل.
الحياة ليست قطارًا واحدًا يسير في خط مستقيم، بل هي شبكة واسعة من الطرق والوسائل، وإن فاتك القطار… قد ينتظرك في المطار مقعد في طائرة أسرع وأجمل وأبعد مدى
“ما دمتَ تتنفس… لم يفت الأوان أبدًا.”
العظماء دائما يتحقق نجاحهم بعد تغيير وسيلة النجاح، فكم من إنسان بدأ بعد مضي عمرٍ من حياته، فصنع مجده، وكم من شخص كان في الحضيض ثم صعد للقمة في وقت قصير، وكم من قلب ذاق المرارة ثم غمرته السعادة
والحقيقة التي لا جدال فيها: ما دمتَ على قيد الحياة… لم يفتك شيء.
لم يفتك القطار، ما دمتَ تستطيع أن تتحرك، وتغيّر، وتحلم، وتبدأ من جديد.
انظر حولك، ستجد قصصًا تثبت أن الحياة لا تدار بمواعيد قطارات، بل بمواعيد السماء.
أناس انتقلوا في ليلة من الفقر إلى الغنى، ومن المرض إلى العافية، ومن الوحدة إلى الدفء، ومن اليأس إلى الفرح.
أبطال لم يبدأوا قصتهم في العشرين من عمرهم، بل في مراحل أخرى من العمر!
أنظر إلى أنبياء الله كيف تحقق نجاحهم في مراحل متقدمة من العمر ؟!
أنظر إلى بطولات خالد بن الوليد رضي الله عنه كانت بعد إسلامه وقد تجاوز سن الأربعين؟ أليس النبي محمد ﷺ بُعث بالرسالة العظيمة في الأربعين؟ فأي قطار هذا الذي يفوت على من يثق بالله ويعمل بجد؟
الفرص لا تموت، بل تنتظر من ينهض إليها.”
قد يفوتك مشروع، وظيفة، فرصة زواج، أو خطة كنت تراها حلم حياتك… لكن الله يخبئ لك بديلًا أعظم وبديلا أجمل.
قد تتأخر عن سباق، لكنك تدخل سباقًا آخر وتفوز فيه.
قد تفوتك محطة، لكنك تصل إلى وجهة أجمل لم تكن تحلم بها.
لا تجعل أحدًا يزرع فيك فكرة النهاية، لا أحد يهيء لك تساقط الدموع والأنين والألم، فقصتك لم تنتهِ إلا إذا توقفت أنت عن الطموح.
امسح من قاموسك عبارة “فات القطار”، واستبدلها بـ:
• “الطريق ما زال مفتوحًا”
• “الفرصة قادمة”
• “القادم أجمل”
الحياة لا تحسب أعمارك، بل تحسب خطواتك.
“ليس المهم متى تبدأ… المهم ألا تتوقف” وكل يوم جديد هو فرصة جديدة لصناعة مجدك”.
لا تجعل كلمة “فات القطار” تسرق منك ما بقي، فالنجاح لا يطلب منك أن تبدأ في سن محددة، بل يطلب منك أن تبدأ الآن، في هذه اللحظة.
لا تنتظر الظروف المثالية،
ولا تنظر للآخرين .!!
فـالأشرعة لا تنتظر الرياح، بل تبحث عنها”
امسح من قاموسك هذا المثل المثبط، واستبدله بمقولات تصنعك، “الفرص لا تنتهي، ما دامت النية والعمل باقيين”، “الله يفتح لك أبوابًا لم تكن تعلم بوجودها”،والأمل أقوى من أي قطار يزعمون أنه فاتك، وإياك أن تسمح لأحد أن يضع نقطة النهاية في قصتك. قصتك أنت من يكتبها، والله من يقدّر فصولها.
واكتب على جدار قلبك:
“سأبدأ الآن… لأن الآن هو أجمل وقت”
وتذكّر… في قاموس الأقوياء، لا يوجد قطار يفوت، بل هناك قطارات تتوالى، ومن فاتك منها واحد، أرسل الله لك آخر أسرع وأجمل .
وما دمتَ تتنفس… فكل الأبواب مفتوحة، وكل الطرق ممهدة، وكل الأحلام ممكنة. لا تنظر خلفك، فالقطار لم يفُتك… هو ينتظرك عند أول خطوة صدق وإرادة.
إن فاتك القطار، فابتسم… فقد تكون الطائرة التي ستقلع بك نحو أحلامك تستعد الآن للإقلاع.
وأحيانًا… لا يُفوتك الله شيئًا إلا ليدخلك في رحلة أسرع، وأبعد، وأجمل
د. عبدالرحمن الوعلان

