كُتاب الرأي

إنها تمطر

بقلم الكاتب / علي بن عيضة المالكي

في الواقع إن الشعور الذي يتداخل معك حين تتساقط قطرات المطر يأخذك لعالم آخر ، عالم جميل تتقاطع معه الأحلام، الآمال، الطموحات، الأهداف، حتى التناقضات لها حظ ونصيب وافر من هذاك الشعور ، فالضحك، والبكاء ، الفرح والحزن تحضر بقوة في مشهد رهيب يحكي قصة واقعية تحت المطر.
هل جربت أن يبلل المطر جسدك، وثيابك، وتتساقط قطراته على جبينك!!
هل جربت لحظات الفرح تحت المطر؟
هل تداخلت معك لحظات الألم؟
أما شعرت بأن فكرك يرنو للبعيد؟
سأروي لكم قصة واقعية:
حين أمطرت كنت وقتها أحاول أن أكتب، أخذت ورقة وقلمًا ،وجلست إلى جوار النافذة أستميت جاهدًا لعلّي أجد كلمات أعبر بها عن ذاك الشعور حتى لقيت أمامي وجه أبي- رحمه الله- لم أستطع أن أتمالك نفسي، تقافزت مشاعر الألم،حتى تبللت عيناي، أقول لنفسي إنها تمطر ولكن بشيء مختلف تمامًا، إنها تمطر وجعًا، اشتياقًا، لا أعلم حينها لِمَ غرقت عيناي ؟ وكيف انهمرت الدموع بهدوء ! لِمَ سرقت تلك المشاعر فرحة انهمار المطر ؟ ءلأنه كان يحرص عند نزول المطر ألا يبرح منزله ؟ أم لأنه كان يتمتع بروح غارقة في بحر الأبوة فيقوم بوضع الألبسة ويغطي بها على أجسادنا النحيلة حتى تقينا من البرد؟ لقد كان يمطرنا بمشاعره الدافئة ، مشاعره كانت تتدفق وتندفع لتسكت زمهرير الرياح الباردة التي تأتي مع المطر .
المهم أن الدموع امتزجت مع قطرات المطر على ذلك الراحل النبيل، ذلك الإنسان الممتلئ بالإنسانية ،الذي كان ناصحًا، أمينًا، متفانيًا، بشوشًا، أنيقًا، كريمًا، معطاءً، كان كالسحابة المليئة بالخير ، كل ذاك وأكثر كان مميزًا في نظر أبنائه بالرغم أنه قد يكون عاديًّا في نظر البعض، لكنه بالتأكيد كان علامة فارقة عند الكثيرين.
خلاصة القول:
تمر بنا أوقات نتذكر تلك الكائنات الجميلة ، حمائم السلام ، نتذكر تضحياتهم، حرصهم علينا، نتذكر تفاصيل وجوههم المرهقة ولكنهم كانوا يتمتعون بالشجاعة في إظهار البشاشة لكيلا نتأثر أو نشعر بعدم الأمان ، كانوا يخبئون تعبهم تحت ابتسامات مكلومة ونحن لا نعلم كم من الوقت سهروا على راحتنا، كم من الزمن أحسوا بقسوة الحياة، تمضي بنا الأيام وتعيدنا للنقطة الأولى بعد أن أصبحنا آباءً، فأصبحت تمطر علينا مثل ما كانت تمطر على الراحلين الأوفياء، صرنا نعامل أبنائنا بنفس المعاملة التي كنا نتلقاها من آبائنا، لقد انطبعت فينا تلك التربية الحسنة.
ختامًا/ تمسكوا جيدًا بنصائح آبائكم، وأمهاتكم وابذلوا ما بوسعكم حتى تمطر عليكم.
أخيرًا/ عليكم أن تثقوا جيدًا أنها سوف تمطر توفيقًا وصلاحًا بعد مشيئة الله، وأحد أسبابها دعاء الوالدين.
انتهى.

كاتب رأي

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

‫4 تعليقات

    1. جميل هو ذاك الصباح حين تشرق الشمس فيه، لنجد كلمات عذبة في صندوق الوصف تضخ في عروقنا كتلة دافئة من الدعم والحماسة، وتبث في أصلابنا الأمل والطموح.
      أ/ زايدة
      حروفك مضيئة وفكرك أكثر ضياءً وأناملك أشد نورًا
      شكرًا لمرورك البهي.

  1. ما أجمل أوقات المطر حقا ، حتى أصحاب النفسيات وأصحاب الإكتئاب تتغير نفسياتهم كثيرا مع نزول أول قطرات الغيث وكأنه يغيث أرواحنا المتعطشة لتلك السعادة ،
    لافض فوك ورحم الله والدك رحمة واسعة وجميع موتى المسلمين .. آمين 🌹

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى