*اخطب لابنتك*

سلطان المرشدي
*اخطب لابنتك*
قـد يكـون العنـوان مدعـاة ً للجـدل ولافتـا للانتبـاه، فالمتوقـع اسـتهجانه مـن البعـض، لأن النـاس عـادة ً ترفـض ماهـو مغايـر ٌ لأعـراف المجتمـع، حتـى وإن كان لا يخـرج عـن دائـرة الديـن، وأقـرب مثـال ٍ مـا سـندلو بـه ِ فـي بِضـع سـطور ٍ معكـم ألا وهـو رفضهـم للمبـادرة فـي البحـث عمّـن يكـون أهـلا للـزواج مـن ابنتهـم.
دعونـا نسـتذكر معكـم مواقـف لشـخصيات ٍ بـارزة سـارت علـى هـذا النهـج وعملـت بـه، لإدراكهـم بـأن َّ الوصـول َ للرجـل الصالـح فيـه منفعـة دينيـة ودنيويـة، فهـذا صاحـب مديـن شـعيب الـذي ذُكر فـي القـرآن، يعـرض علـى موسـى -عليـه السـلام- أن يتـزوج بابنتـه لِمـا رأى فيـه مـن صفـات ٍ طيبـة كالديـن والخلـق والقـوة.
ومـا دفـع عمـر بـن الخطـاب -ر ضـي الله عنـه – ليعـرض علـى أبـي بكـر وعثمـان ٍ -رضـي الله عنهمـا- أن يتـزوج أحدهمـا بابنتـه حفصـه؛ إلا البحـث عـن الـزو ج الصالـح.
وقصـة قبـول التابعـي الجليـل سـعيد بـن المسـيب أن يـزوج ابنتـه لرجـل يقـال لـه عبـد الله بـن أبـي وداعـة، لدينـه وخلقـه ر غـم فقـره، وهـو الـذي رفـض تزويجهـا لابـن السـلطان ذو السـلطة والنفوذ والغنى، فما كان إلا أن رجحت بينهما كفة الدين. كل الأمثلـة السـابقة اسـتذكرتها ليعـرف المجتمـع أن البحـث عـن الـزوج الصالـح
مـن السـنن التـي هجرهـا النـاس، فـإن لـم يسـتطع الأب التصريـح المباشـر فعليـه بالتلميـح برغبتـه فـي تزويـج ابنتـه وهـو فـن ينبغـي إتقانـه، وعلـى وجهـاء المجتمـع كسـر قاعـدة العيـب والخجل في هذا الأمـر ليكونـوا قـدوات ٍ لغيرهـم، فالحقيقـة الغائبـة أن مجـرد السـؤال عـن ذلـك الخاطـب لا تكفـي، وعلاقاتـه الاجتماعيـة الشاسـعة ليسـت مقياسـاً لصلاحـه، وإن أهـم َّ المعاييـر التـي ينبغـي أن يتصـف بهـا الـزوج قـد أوضحهـا الرسـول -صلـى الله عليـه وسـلم- فـي الديـن والخلـق،
إذاً فهذيـن المعّياريـن أهـم مـا ينبغـي تواجدهمـا فـي الـزو ج ليكـون مؤهلاً للارتبـاط، فالديـن أقـوى مؤثـر ٌ فـي العلاقـة الزوجيـة والـذي سـيحدد مسـتقبل ومصيـر الأسـرة، ويعـد الضابـط للكثيـر مـن الأمـور المهمـة فـي الحيـاة الأسـرية ويضمـن حقـوق الزوجيـن، أمّـا عـن حسـن الخلـق والـذي لا يخـرج كثيـراً عـن المعيـار
الأول فـي تأثيـره: فهـو بـذل المعـروف وكـف الأذى، قـال النبـي -صلـى الله عليـه وسـلم-: «أكمـل المؤمنيـن إيمانـاً أحسـنهم خُلقـاً وخياركـم خياركـم لنسـائهم» ،ومـن المعاييـر المهمـة أيضـاً والتـي لا ينبغـي أن نغفـل عنهـا، أن يكـون للشـاب القـدر ة علـى تحمـل المسـؤولية، فـإذا وُجـدت فـي أحدهـم هـذه المعاييـر مجتمعـة، فليبـادر فـي كسـبه بطريقـة ملائمـة ليكـون عونـاً لابنتـه وسـتراً لهـا، وفـي الجانـب الآخـر للبحـث عـن الشـريك، ينبغـي للشـاب أن يبحـث عـن زوجـة تحمـل الصفـات التـي تؤهلهـا للارتبـاط بـه، وتحفـظ لـه بيتـه وتعينـه علـى بنـاء أسـرة ٍ سـعيدة مكتملـة الأركان، فمنـذ أن يعقـد العـزم علـى الـزواج يتـردد فـي مخيلتـه تسـاؤلات ٍ كثيـرة عـن صفـات هـذه المـرأة! وكأن َّ مـا يوجهـه حديـث رسـول الله -صلـى الله عليـه وسـلم- نحـو النّـور المنبثـق طـرف هـذه العتمـة ويدلّـه لصفـات ٍ يجدهـا بزوجتـه،
قيـل يـارسـول الله أي ُّ النسـاء خيـر؟ قـال: «التـي تسـره إذا نظـر إليهـا وتطيعـه إذا أمـر ولا تخالفـه فـي نفسـها ولا فـي مالـه بمـا يكـره» وفـي حديـث ٍ آخـر قـال -صلـى الله عليـه وسـلم-: «الدنيـا متـاع، وخيـر متاعهـا المـرأة الصالحـة» ثـم لأخبركـم أعزائـي القـراء إنمـا الشـريك رزق، فأدعـو الله أن يسـخر لكـم رزقكـم وأن يجعلـه طيبـاً مباركا .
كاتب رأي
👍👍👍