(إفعل ماتشاء)

اللواء/ محمد سعد الربيعي
لعل لسان حال شبابنا اليوم ينطبق على عنوان المقال ، لا أقول الغالبية ولا الأقل نسبة ًبينهم ، بل هم بين الأكثرية والأقلية ، والمتتبع لأحوال الشباب اليوم نرى فيهم عدم الإكتراث بفعل الشيء ، فمثلا نراهم يتجولون بسياراتهم في الشوارع إلى منتصف الليالي ، ونراهم في المقاهي ، ونراهم في مواقع كثيرة ، وبأعداد كبيرة ، وهم من فئة الشباب أي في المرحلة الثانوية والجامعية ، وكأن ليس لديهم أهداف لتحقيق مستقبل ، أومنافسة شريفة مع أقرانهم ، بالإضافة لترك بيوتهم إلى طلوع الفجر في تجمعات غير مألوفة لنا من قبل عندما كنا في نفس هذا العمر.
يقول المثل الشعبي ( من ذل سلم )
هذا ماكان يحذرنا أبائنا منه ، عندما كنا في مرحلة الشباب ، وأصبحنا نخاف من الإقدام على فعل الشيء مالم نحسب حساب العودة منه ، ونجد أنفسنا حذرين في التعامل مع الناس ، وكذلك مصاحبة من لم نعرفه يقيناً، وكنا نبتعد عن المقاهي وخاصة بالليل ، خشية أن نتعلم شرب الدخان والشيشة المعسل وغيرها.
كذلك كنا نخشى التجمعات ومرافقة من لانعرفه ، أو الركوب معه في سيارته ، والأهم من بين كل ذلك هو البقاء خارج المنزل بالليل ، حيث كانت فرصتنا من الوالدين وخاصة الوالدة يرحمها الله أن التاسعة مساءً هي الحد الفاصل بيننا وبينها ، أي عند التأخر عن هذا الوقت نُحرم من الكثير ، كالإستقبال الطيب ، ووجبة العشاء، والتوجه مباشرة لغرفة النوم ، بل يتعدى ذلك للحرمان من مصروف اليوم الثاني إن كان هناك مصروفاً ، وتتصاعد الجزاءات بتكرر الأخطاء أو التأخر عن المنزل بالليل وتصل لحد الضرب ، والنوم في فناء المنزل حتى في ظل الظروف القاسية .
مانراه اليوم مع شبابنا يتعارض مع مثلنا الشعبي ( من ذل سلم ) حيث يقدمون على أفعال لا أقول أنها منكرة بل مستهجنة ودخيلة علينا وهم لايبالون بذلك ، بل البعض يدفع بنفسه وأصدقائه لفعل الشيء من أجل إكتشاف خلفياته ، وهو لايستحي من فعل ذلك ، كما نرى في البعض منهم عدم احترام العادات والتقاليد الإجتماعية التي كنا نعتبر التجاوز عليها فضيحة كبيرة ، وخاصة لو عُرف الشخص ، وعُرفت أسرته ، حيث كنا نخاف من ذلك أشد الخوف ، لأننا لانريد أن يعلم أحداً بذلك خشية العار والفضيحة في أمور بسيطة ، ولعل منها شرب الدخان حينما يُشاهد الشاب من آخرين وهو يُدخن ، هنا يرى الفاعل أن فيها فضيحة لأسرته .
إن بعض شبابنا اليوم يعيشون حياة رفاهية ، ويبالغون في العيش فيها ، ولايهتمون بمستقبلهم ، كما أنهم لايبالون بوضع أسرهم أو يهتمون لإحتياجاتهم ، حيث تنتشر صفة الأنانية بينهم ، وتجد هذه الشريحة فقط تحاول أن تشبع رغباتها ، وتتصرف بدون مسئولية في حياتهم ، وينظرون للدنيا بعين عوراء ، ويحملون فشلهم للآخرين ، ودونما أن يعيدوا قراءة وضعهم وتصرفاتهم ، والإقلاع عن مصاحبة من لا يهتم بهم ، بل البعض من الأصدقاء يعمل على توريط الآخرين معه ليشربوا من كأس فشله وبالتالي ينضمون لقطار سلوكه المشين .
هناك أيضاً من لايكترث لعامل الوقت ، فتجده يكرر أخطائه ، ولايهتم بمستقبله ، ويتنقل بين ردهات الجامعة في تغيير تخصصه من ترم لآخر ، ودون أن يضع له خطة في الدراسة بعد التخرج ، فتجد أقرانه قد تخرجوا وعملوا ، وهو لا زال يتنقل من كلية لأخرى في ظل ضياع غير مفهوم من ذلك الشاب ، وهو هنا لايكترث لعامل الوقت وتسارعه ، وإفلات الفرص من يده فرصة وراء فرصة ، وبالتالي عندما يتخرج يجد أن القطار قد فاته ، وأن زملائه الذين كانو على خلاف معه ومع عاداته أصبحوا في مراكز مرموقة ، وهنا يبدأ الندم منه وعظ الأصابع ، ولسان حال أهله والمهتمين به يقول ( لاتبكي على اللبن المسكوب) نعم هو من سيبكي على ضياع الفرص واستهتاره بالوقت ومصاحبة من لايريد به خيرا .
كاتب رأي