إسرائيل مجددًا! إلى أين هذه المرة؟

علي بن عيضة المالكي
إسرائيل مجددًا! إلى أين هذه المرة؟
ما إن انتهت إسرائيل من قتل وتشريد وتجويع الفلسطينيين ومحاولة تهجيرهم من أرضهم بدون وجه حق إلا وبدأت في الانتقال إلى سوريا الجريحة، سوريا التي أثخنتها سهام الظلم والبغي والجبروت وطالتها يد العبث والتشويه الممنهجلكل جزء من مقدراتها التاريخية والوطنية والدينية والحضارية والعلمية والعسكرية طيلة أربعة عشر عامًا استعمل فيها الطاغية الهارب شتى أنواع آلة الحرب المدمرة ، تركها مكشوفة بلا غطاء يقيها ويلات الاختطاف ، تركها مدمرة وقد استوت بالأرض تمامًا ، قطّع أوصالها من كل الجوانب ، واستخرج أحشاءها بلا رحمة ولا ضمير ، لا اقتصاد يعين أهلها على مواجهة اللئام ولا جيش يحميها من طمع العابثين والمتربصين ، حتى طائرة رئاسية لم يبقيها لمن بعده ، تركها لقمة سائغة لأضعف الدواب تنهش في جسدها المثقل بالطعون، ثم يأتي بعده رئيس الوزراء الإسرائيلي وكأنهم اتفقوا على محو سوريا من خارطة العالم متحدثًا بكل صلف واستكبار ليغرز هو الآخر أنياب الاحتلال في جسدها الممزق. بلد يكاد يلفظ أنفاسه من جراء الطحن المستمر لكل ما هو حي ولكل ما يدب على أرضها مستغلاً بذلك أسوأ الظروف وأبشعها على الإطلاق.
هذا أمر لا يطاق أبدًا، ولم يعد مقبولاً وغير مستساغ مطلقًا.
رأينا جهدًا كبيرًا تبذله الحكومة السورية لإعادة البناء والإعمار وتأمين الجانب الأمني لعودة ما بقي من السكان في المهجر وشاهدنا تلك الرحلات الدؤوبة للمسؤولين فيها تجوب الدول الشقيقة للسوريين والصديقة لسوريا والرغبة القوية في توحيد الصفوف ولمسنا تفاني قل نظيره لإعادة سوريا للحضن العربي ورفع العقوبات الدولية عنها ، والعمل الجاد في تأسيس نظام يقوم على كفالة الأرض وحمايتها من التدخلات الخارجية وآخرها عقدهم مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السوري الجديد من أجل هذا الغرض؛ إلا أنّ هناك من قيمه الوطنيه تتحرك من الخارج لا ولاء ولا انتماء ولا عقيدة وطنية راسخة ، تآمر ، وخداع، ومكرٌ مستمر لدانة العروبة، وتنكر ذو لون بشع لسويسرا الشرق.
الغريب أيضا في الأمر أن رجال الأعمال السوريين لم يتحركوا ! وكأنهم يؤكدون الموت لوطنهم ، بل أنّ البعض منهم ينادي بالتقسيم ممن هو محسوب على النظام السابق وهناك أصوات وبقايا في الداخل لا تريد بسوريا خيرا ولسنا متأكدين أنهم سيكونون يدًا أمينة تبني مستقبلاً لأولئك اللاجئين الذين أزاحهم رئيسهم السابق وزمرته وأزلامه ورجاله ومن هم يشبهونه في الإجرام وأجبروهم على الخروج من وطنهم ، لقد شردهم في كل أرجاء الكون ومات أغلبهم في وسط البحار.
أعود للموضوع الذي لا يقل أهمية عن سابقه وهو آلة الحرب الإسرائيلية التي زادت من توغلها في الأراضي السورية وقصفت طائراتها مواقع هامة في العمق السوري في تحد سافر للأعراف والمعاهدات والقوانين الدولية التي تجرّم الاعتداء على الدول والشعوب وتحارب الإرهاب بجميع صوره.
إنّ ما يحدث في سوريا إنما هو تجاوز سافر للأخلاق واعتداء صارخ على سيادة بلد يُعد عضوًا في الأمم المتحدة حتى وإن كان خارجًا من معارك استباحت أراضيه ظلمًا إلا أن ذلك لا يلغي سيادته السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية واستقلال أراضيها وبسط نفوذها على كامل مساحتها الجغرافية وكل محافظاتها الأربع عشرة من بلدة عفرين شمالاً إلى درعا والقنيطرة والسويداء جنوبًا ومن أقصى شرقها في حدودها مع العراق المقدرة بخمس مئة وتسعة وتسعين كيلا إلى أقصى نقطة حدودية تفصل بينها وبين لبنان في الجهة الغريية والمقدرة في القانون الدولي ومعروفة في قانون ترسيم الحدود بمئة وخمسة وثمانين ألف ومئة وثمانين كيلو مترًا مربعًا سهولها وهضابها وجبالها منذ أن استقلت عن الانتداب الفرنسي حتى عصرنا الحالي.
سوريا ستبقى مستقلة داخل حدودها المعروفة من الشمال تركيا ومن الجنوب الأردن وفلسطين ومن شرقها العراق إلى غربها لبنان، أقول ستبقى سوريا قائمة وحاضرة ورمزًا عربيًّا ولن يقبل شرفاء المجتمع الدولي ما يحصل لها من ظلم ولن يتركوها مرتعًا للإجرام ، ولن يسمح السياسيون الأنقياء بسرقتها مرة أخرى وتدنيس أراضيها الطاهرة.
يحق لنا بعد بيان وزارة الخارجية السعودية الفخر بمواقفها الشجاعة في خدمة التسامح والسلام ودعم استقلال الدول وحقها في بسط نفوذها على كامل أراضيها والمحافظة على حق الشعوب في العيش الكريم والوقوف مع البيان الذي صدر بكل مسؤولية شكلاً ومضمونًا صوتًا واحدًا في وجه هذا التعنت الإسرائيلي الذي لا يخدم مصالحها في شيء بل يزيد الضغط عليها بأنها دولة يثبت المسؤولين فيها أنها منبوذة قائمة على الإرهاب.
انتهى