كُتاب الرأي

إحياء مجالس البلديات والعمد ودورها في محاربة اقتصاد الظل

 

إن رؤية سيدي ولي العهد 2030 غايتها الطموح لعنان السماء والتي بدأنا ولله الحمد وبدأت الدولة في قطف ثمارها، وأصبحنا من دول العشرين وفي مراتب اقتصادية وتنموية متقدمة، ومن أهداف الرؤية أن تكون المملكة من ضمن الدول السبع، وهكذا هي أفكار وتوجيهات سموه الملهمة يحفظه الله، ولعل الملاحظ في التطور الذي حدث خلال السبع السنوات الماضية في المملكة هو ما يدلل على نجاح هذه الرؤية التي خطت بنا خطوات كبيرة نحو تحقيق الأهداف المرسومة لها والتي يرى فيها سموه أن ننطلق نحو عنان السماء.

نحتاج مع هذه الرؤية المنطلقة إلى عنان السماء بعض الإصلاحات الإدارية الصغيرة ذات الأهداف التنموية الكبيرة في حال نمو وتوسع تلك الإصلاحات، ولعلني هنا أتطرق إلى إحياء دور مجالس البلديات داخل الأحياء في المدن الكبيرة وتكون هذه الخطوة الأولى في الرياض وجدة والدمام وتبوك وعسير والقصيم أي المدن الكبيرة وذات الكثافة السكانية الأكثر ومن ثم ننطلق إلى المدن الأخرى بتراتبية سريعة لنحقق الأهداف المنشودة من خلال تطبيق هذه المجالس.

وتكون هيكلية هذه المجالس في إيجاد مكتب للعمدة داخل المجلس البلدي ويكون دوره منصباً على معرفة ما يدور في الحي وبين سكانه وقاطنيه ومعرفة السعوديين منهم والأجانب بكل فئاتهم وأديانهم وأماكن سكنهم وملاك العقارات المؤجرة لهم وكذلك المركبات التي تستخدم لنقل العمالة من الحي … الخ، ودور المجلس البلدي يذهب لتطوير الحي وإنمائه والاستفادة من ذوي الخبرات في الحي لعقد ندوات ودورات داخل المجلس البلدي وتطوير روح العمل داخل الحي ليمتد لمعرفة الأماكن التجارية والعاملين فيها وأصحابها ومدى التزاماتهم بتحقيق الرؤية من الجانب الاقتصادي أي الالتزام بعدم التهرب الضريبي في كل الأعمال التجارية التي تمارس داخل الحي من المواطن وكذلك الأجنبي أياً كان نشاطه التجاري أو العمالي، قد يشمل عمل المجلس البلدي في حال كبر الحي أو كان من الأحياء المهمة تجارياً إلى إيجاد أقسام أخرى كقسم للشرطة والمرور وكذلك قسم من وزارة التعليم وكذلك وزارة الشؤون الإسلامية لتفعيل وإيجاد محلات تجارية وتنموية في مباني وزارة التعليم إن كانت ذات شوارع رئيسية، وهذا أيضاً ينطبق على المساجد ومنها تكون هذه الإجراءات دافعة ومفيدة لمجلس الحي وسكانه، وكذلك للوزارات المعنية ومنها أيضاً إيجاد وظائف لبعض أبناء وبنات الحي للعمل في هذه المحلات التجارية والتنموية التي تخلق داخل هذا الكيان المرتب.

بالطبع سيكون هناك منافسات شريفة من خلال وزارة البلدية والقروية والإسكان تقوم بإعدادها لاختيار أفضل مجلس بلدي وأفضل عمدة وووووو وهكذا دواليك حتى تتطور الخدمات للأحياء والقضاء على التسيب الموجود فيها، ويمتد لنواحي كثيرة ومنها نظافة الشوارع وإزالة المخلفات وكذلك السيارات القديمة وإعادة النظر في البيوت المتهالكة ذات التشوه البصري من خلال ملاكها والقضاء على التسيب ومخالفي الأنظمة وتسرب العمالة المتخلفة والمخالفة والسيطرة على أماكن عملهم وسكنهم اجتماعياً وأمنياً الخ.

الأهم في هذا المقال والقصد من طرحه خلاف ما ذكر أعلاه هو العمل على القضاء على اقتصاد الظل أو المال الأسود وهو ما ستعمل على تطبيقه هذه المجالس البلدية في حالة الاهتمام بها وتزويدها باحتياجاتها وخاصة في مجال التقني والبشري المتعلم للسيطرة على هذا الجانب المهم والقضاء عليه.

يجب علينا أن نعترف بوجود اقتصاد الظل أو المال الأسود في كل مدننا وتقوم عليه جاليات مختلفة وبأعداد كبيرة ومجاميع مختلفة من جنسيات آسيوية وأفريقية والحبل على الجرار وبين هذه الجاليات يخلق لوبيات كبيرة ومختلفة تسيطر على المال والتجارة واقتسام المهن الموجودة في السوق بكافة أنواعها وهي بعيدة عن أنظار الجهات المختصة وتتهرب من دفع الضريبة ويتشكل لها رأس مال كبير من خلال تلك الأنشطة التجارية التي تمارسها وتتوزعها تلك الجاليات، يضاف لذلك وجود بعض المتسترين للأسف لأفراد وجماعات بأعداد كبيرة يعملون لمصلحتهم الخاصة وهو ما يساهم في زيادة المال الأسود المتهرب من الضريبة، وبالتالي يضر بالاقتصاد الوطني ولا يحقق التنمية التي هي جزء من أهداف الرؤية.

إن إعادة النظر في وجود هذه الجاليات وخاصة المتخلفة والمتسللة والغير منضبطة وتشديد العقوبات المنظمة لها قد يعيد جزء من المال الأسود والقضاء على اقتصاد الظل في المملكة أو تحييده على الأقل وفيما عدا ذلك عند ترك الأمر على ما هو عليه الآن فإن الشق سيتسع وبعدها سيصعب رتقه، إذاً لابد من إيجاد أفكار ناجحة وعملية ومتسارعة في الحد من هذه الظاهرة المضرة باقتصاد الوطن، كما أن المسارعة في تطبيق الدفع الإلكتروني وتعميمه على كافة القطاعات التجارية بمختلف مهنها ومنع أي دفع بالكاش ووضع ضوابط في ذلك وجزاءات رادعة لمن يمارس أو يطلب من المشتري أو الزبون الدفع بالكاش مقابل إعطائه خصومات مجزية، وأن تعد العدة الكافية لتغطية سوق المملكة الكبير ودخول كل الدهاليز التي تمارس فيها عمليات اقتصاد الظل أو المال الأسود من أجل إعادته لخزينة الدولة وبالتالي منع هذا التهرب المؤثر على الأمن الوطني للدولة واقتصادها التنموي وكذلك الاجتماعي ومنع الإخلال بأهداف الرؤية،،، وعندئذ سيتم القضاء على الجاليات المتخلفة والمتسترة وكذلك تنظيم وجودهم في المملكة من خلال منح أفراد هذه الجاليات الإقامات المعتمدة لممارسة المهن المختلفة تحت أعين الأجهزة المختصة للوصول لهم متى ما دعت الحاجة وخاصة عند إخلالهم بما قدموا من أجله.

اللواء/ محمد سعد الربيعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى