كُتاب الرأي

إبراهيم صعابي وديوان حين من البحر

إبراهيم صعابي وديوان حين من البحر

مشعل الحارثي

بجدائل الفل والكادي ومن ارض (جازان) ، ومن البحر إلىعروس البحر جدة وصلني إهداء صديقي وأخي الأديب الشاعر إبراهيم عمر صعابي في ديوانه الجديد (حين من البحر) الذي جاء في (137) صفحة من القطع الصغير،وأشتمل على (88) قصيدة ونص شعري تنوعت ما بينقصائد وطنية واجتماعية وعاطفية وتأملية وروحية ورثائية، فيما افرد جزء من هذا الديوان لتغريدات شعرية في مقطوعات او ابيات قليلة بلغت (42) نصاً كتبها الشاعر ما بين عامي 2018 – 2024م ووجهها كرسائل خفيفة ساير فيها لغة العصر الرقمية المتسارعة ، وحملت في ثناياها الحكمة والعبرة والخاطرة  ليشكل هذا العمل في مجمله إضافة جديدة ومتميزة لمسيرته الشعرية وابداعه المتألق ،وشعره الصادق الحي في قلوبنا بأحاسيسه المرهفة وسمو معانيه في دواوينه السابقة التي تنقلنا حلاوتها دوماً من الثرى الى مناط الثريا .

وكما يقال إذا كانت القصيدة لسان حال شاعرها وضميره ضميرها فالشاعر إبراهيم صعابي عرفناه منتمي لقصيدته ويتنفس الشعر كماء الروح موقناً في قرارة نفسه أن الشعر يخصب الحياة بالفرح والقيم السامية والمعاني النبيلة.

وفي عيون ابداعاته الشعرية نقرأ في ديوانه الجديد وما سبقه (وطن) هو البيان والتبيين ونور اليقين وتاج على الجبين، وطن لامست حبات حروفه عروق الأرض، وإنسان يصوغ الحب والشوق اغنية تراقص النجوم وتلهم السواحل في الصباحات الباهرة بزفرة البحر ودفء الشواطئ وعطر حورية البحر عندما تنثر عطرها الانثوي وتغسل به ندبات الأيام والآم السنين، وتستدرج التاريخ في لحظة مباغتة لتقول لنا الحكاية من البداية الى النهاية.

ومنذ ديوانه الأول (حبيبتي والبحر) وضمن مجموعة أعماله الشعرية الكاملة التي ضمت ثمانية دواوين شعرية ووصولاً لديوانه الجديد (حين من البحر) سنجد أن للبحر والحب حضورهما الطاغي في اغلب نصوصه ومساره الشعري الذي تميز به ولا غرابة في ذلك فهو ابن (جازان) حاضرة البحر واستطاب له المقام على شواطئها فيغفو ويستفيق على خرير السواحل ونراه سارحاً منطلقاً لا يكسر مجاديفه موج عنود ولا بارق ورعود بعد أن جعل نونه من قلم البحر وسطره فوق تلك الموجة البيضاء المسافرة في الفضاء البعيد.

ويتضح جلياً أنه أعطى للبحر ثيمة الوصل والفصل كما في قصيدته (انطفاء) في ديوانه الجديد الذي نحن بصدده والتي جاءت في خمسة مقاطع وتضمنت العديد من مفردات ولوازم البحر مثل (المراكب – المجداف – السفينة – الماء – الشاطئ – الساحل – الموج – الزوارق)، وتكررت فيها كلمة (البحار) وأيضاً كلمات (اليم، السفينة، الملاح) في قصيدة اعترافات زائرة قديمة والتي يقول في بعض ابياتها:

كنت كالورد رقة وبهاء

وهو يشتم عطري الفواحا

لو أطلت البقاء في اليم عشقاً

لا احتضنت السفين والملاحا

، وكل هذه المفردات تعطي الدلالة على ما يمثله البحر من عمق في تجربته الشعرية التي يحلق بنا فيها دوماً كطائر مسافر بأجنحة مرفرفة تحمل اهات وزفرات المتعبين، ولوعاتوأماني الحالمين ليفصح لنا سر تعلقه بالبحر فيقول هذا هو الماء حكاية الأرض واسطورة السماء وايقونة الابد ولحن الأمد الحاضر في الذاكرة في روح وجسد، ونقطة الضوء في الماء وقطرة الماء في الضوء، بل هو السقاء والرواء والطهر والشفاء وسر الوجود والبقاء.

ترى ماذا عساني أقول عن هذا الديوان؟! وماذا أبدي وأعيد؟! هل اتحدث عما حمله من تراكيب لغوية وصور فنية غاية في الروعة والجمال؟ ، أم ما به من تمازج وتناغم بين الأصيل والحديث؟، أم في تعريفه للشعر والذي حار في تعريفه الشعراء منذ القدم ولم يتفقوا حتى الآن على تحديد مصطلح ثابت له، وقد استهل ديوانه ليوضح موقفه و رأيه في هذه الإشكالية وليؤكد من منظوره الخاص بأن الشعر بوح وآلم وأمل ومعاناة معجونة من نور ونار، وأنه أيضاً حب وحلم وفرح وأسى ووحي ونغم وعنه يقول:

الشعر نور ونار حين يستعر

حروفه الرعد والغيمات والمطر

الشعر بوح بما في النفس من فرح

ومن أسى في مرايا العمر يحتضر

الشعر حب وأحلام وخارطة

حدودها كل ما غنى به الوتر

وفي الختام أخي إبراهيم صعابي وبعد أن حملنا يراعك الأصيل وسحر قولك وروحك الشاعرة الى عوالم جميلة انيقة حالمة فأقول لك أنت كشجرة طيبة جذرها في الماء وفرعها يتاخم فحول الشعراء، واعذرني إن اوجزت في هذا التقديم وتراتب هذه الخواطر فخير الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره وأسلم لأخيك ومحبيك وعشاق ابداعك العذب الرفيع.

كاتب رأي

 

 

مشعل الحارثي

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى