كُتاب الرأي

أيهما الأقوى: الأثر أم التأثير

بقلم الكاتبة/ الجوهرة ال صالح

في البدايَةِ عَلينا أَن نَتَعَرَّفَ على المَعنى المقصودِ بِِكُلٍّ مِنَ الأَثَرِ والتَّأثيرِ.
فالأَثَرُ بِالتَّعريفِ: هُوَ تَركُ عَلامَةٍ في المُؤَثِّرِ، سَواءً كانَتِ العَلامَةُ واضِحَةً في الجَسَدِ أَو مُكتَسَبَةً في تَصَرُّفٍ أَو طَبعٍ فَنَقولُ: أَثَّرَ فيهِ أَي َتَرَكَ فيهِ أَثَراً، وتَأَثَّرَ فُلانٌ بِفُلانٍ، أَي تَطَبَّعَ بِهِ وَتَبِعَهُ .
أَمَّا التَّأثيرُ فَهُوَ قُوَّةٌ يَملِكُها شَخصٌ مُعَيَّنٌ أَو سَيطَرَةٌ مُعَيَّنَةٌ يَكتَسِبُها، وَعَلى أَساسِها يَستَطيعُ أَن يُؤَثِّرَ في سُلوكِيَّاتِ مَن حَولَهُ، وَيقودُهُم دونَ أَن يُفَكِّروا بِما يَجري، لكِنَّهُم تَأَثَّروا بِما شاهدوا، وَساروا عَلَى الطَّريقِ.
وَلَو أَمعَنَّا النَّظَرَ في كَلِمَةِ ( الأَثَر) سَنُدرِكُ أَنَّ تِلكَ النَّظرَةَ سَتُسافِرُ بِنا إِلى عُمقِ التَّاريخِ ، وَسَنَعرِفُ الأَهَمِّيَّةَ والقيمَةَ العظيمَةَ الَّتي تَرَكَها لَنا السَّلَفُ الصَّالِحُ ، ولَعَلَّ خَيرَ مِثالٍ عَن ذلِك ، فيما يَخُصُّ كَلِمَةَ الأَثرِ في هذا المَجالِ ، أَنَّها تُطلَقُ عَلى كُلِّ ما يُنسَبُ إِلى الرَّسولِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَعلى ما يُنسَبُ إِلى الصَّحابَةِ والتَّابِعينَ ، وَكُلُّ ما يُروى عَنهُم يُسَمَّى أَثَراً بِما في ذلِكَ مِن سُلوكِيَّاتٍ وأَخلاقِيَّاتٍ تَناقَلَتها الأُمَمُ السَّابِقَةُ وهيَ تَعلَمُ أَنَّها ذاتُ قيمَةٍ ومعنىً حَقيقِيٍّ .
أَمَّا (التَّأثيرُ) فَيَنتُجُ عَنِ التَّفاعُلاتِ الاجتِماعِيَّةِ بَينَ عامِلَينِ رَئيسِيَّنِ، وهُما: المُؤَثِّرُ والمُتَأَثِّرُ، ومَدى التَّفاعُلِ بَينَهُم.
ويُمكِنُ أَن نُطلِقَ عَلَيهِ أَيضاً التَّأثيرَ المُؤَقَّتَ ، لِأَنَّهُ يَكونُ خِلالَ فَترَةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنَ الزَّمَنِ تَظهَرُ فيها بَعضُ الشَّخصِيَّاتِ الَّتي تَصنَعُ و تَنشُرُ مُحتَوىً مُعَيَّناً وجاذِباً ، فَيُتابِعُهُ جُمهورٌ مِن فِئاتٍ مُختَلِفَةٍ ، وتَصحَبُهُ ضَجَّةٌ إِعلامِيَّةٌ فَيُحَقِّقُ تَأثيراً كَبيراً وانتِشاراً سَريعاً دونَ فائِدَةٍ أَو قيمَةٍ مَعنَوِيَّةٍ يُمكِنُها أَن تَثبُتَ في الأَذهانِ لِسَنواتٍ ، وَإِنَّما هيَ أَشبَهُ بِفُقاعاتٍ في فِنجانِ قَهوَتِكَ تَتَلاشى بِمُجَرَّدِ أَن يَنتَهي شُربُكَ لِلقَهوَةِ ، وهكَذا يَختَفي ذلِكَ التَّأثيرُ ويَأتي غَيرُهُ .
وجيلُ الشَّبابِ هوَ الأكثَرُ تَفاعُلاً معَ هذِهِ الشَّخصِيَّاتِ والأَكثَرُ تَأَثُّراً بِها، فَهُناكَ عَوامِلُ مُتَعَدِّدَةٌ تُؤَثِّرُ في أَفكارِهِم، ومِن هُنا يَبرُزُ دَورُ الأُسرَةِ والمُجتَمَعِ والمُؤَسَّساتِ التَّعليمِيَّةِ في إِبعادِهِم عنِ التَّأثيراتِ المُضَلِّلَةِ لِعُقولِهِم.
ومِن هُنا يَتَّضِحُ لَنا الاِختِلافُ الكَبيرُ بَينَ الأَثَرِ والتَّأثيرِ، ومَدى تَأثيرِهِما عَلى المُجتَمَعِ

كاتبة ومؤلفة

جوهرة حمزة آل صالح

كاتبة ومؤلفة ومشرفة ثقافة الطفل والقصص المتحركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى