كُتاب الرأي

أولادنا دون الخامسة (25)والعشرين …!

أولادنا دون الخامسة (25)والعشرين …!

تنطلق رحلة التربية والتنشئة للأولاد منذ اللحظات الأولى للولادة ! وتستمر تلك الرحلة الشاقة ! ليلاً ونهاراً ! وسراً وجهاراً ! وفي آناء الليل وأطراف النهار ! والألسنة تتكلم وتوجه ! وتأمر وتنهي ! وتعاتب وتعاقب ! وتهدد وتتوعد !
وتارة تعلو الأصوات وترتفع ! وتارة تنخفض وتهدأ وتتلاشى ! وهكذا في تصرفات وسلوكيات من الأولاد لا تنتهي ! وتوجيهات ونصائح لا تكل ولا تمل !
يهتم علم النفس النمو بمراحل النمو المتعاقبة والمتتالية منذ المراحل الأولى للطفل إلى الطفولة المتأخرة أو المراهقة وكذلك مرحلة الرشد والشيخوخة ، ويرصد هذا العلم المحطات والمراحل التي يمر عليها الإنسان ويسجل كل الملاحظات والمرئيات التي يراها أرباب هذا العلم ليفسروا بعد ذلك طريقة تفكيره وطريقة فهمه وتحديد سلوكه وعملية التعليم والتعلم والتنشئة المهمة حتى يكون الانسان في النهاية إنساناً صالحاً في نفسه وأسرته ومجتمعه.
هناك عدد من النظريات في علم النفس وعلم الاجتماع تسعى كلها إلى رصد وتوثيق وتقويم مراحل النمو التي يمر بها الأطفال ، والتي لا تتجاوز عمر الثامنة عشر  ،
 وعلاقة تلك المراحل بالنضج والوعي ، ودراسة ظاهرتي النضج والوعي وتحليلها ومقارنتها بمرحلة التعليم والتعلم لدى الاطفال ، وتحديد مراحل النضج والوعي وتصميم سلالم لتلك المراحل ، التي تعرف بسلالم النضج والوعي منذ الولادة وإلى وبلوغه الثامنة عشرة سنة .
في الحقيقة أن النضج والوعي في الإنسان يستحق المزيد من الدراسة المنهجية والمراجعة المستمرة والقرب من الإنسان في مراحل نموه وانتقاله المختلف من الطفولة المبكرة إلى الطفولة المتوسطة إلى الطفولة المتأخرة أو المراهقة وكذلك مرحلة الرشد والشيخوخة ، والموضوع يستحق تلك الجهود الطيبة الجميلة التي تبذل فيه ؛ فهذا الإنسان أغلى وأثمن وأفضل وأحسن وأكرم المخلوقات الحية من عوالم الموجودات فهو يأتي ويعلو على جميع العوالم التي دونه كعوالم الحيوانات والدواب وعوالم النباتات وعوالم الجمادات التي تأتي في أسفل هرم الموجودات من المخلوقات.
أولادنا دون الخامسة و العشرين من أعمارهم ؛ ما زالوا كما يقول معالي الوزير الدكتور غازي القصيبي رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته : ( نصفهم أطفال ! والنصف الآخر رجال !) ، ربما وصف الدكتور غازي القصيبي رحمه الله تعالى ذلك الجيل الذي بين يديه بتلك العبارة الدقيقة ؛ بينما أولادنا دون الخامسة و العشرين في أيامنا هذه ربما لا نجور عليهم إذا. قلنا عنهم أنهم : ( في نضجهم ووعيهم وتفكيرهم واهتماماتهم في مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة فقط ).
وهم. في دون الخامسة والعشرين ؛ لا يدركون دورهم ومهامهم في أسرهم ولا مجتمعهم ! وهم. في دون الخامسة و العشرين؛ لا يعرفون أهدافهم ومقاصدهم ؛ وهم. في دون الخامسة و العشرين؛ متخرجون من الجامعات والكليات لا يحسنون التخصصات التي تخرجوا منها وحصلوا. منها على شهادة البكالوريوس التي يحملونها !
وهم في دون الخامسة والعشرين من أعمارهم وهم لا يملكون كثيراً من المهارات الأساسية والضرورية والحياتية التي تعرضوا لها ودرسوها في المدارس والجامعات!
وهم في دون الخامسة والعشرين من أعمارهم لا يسمعون ولا يهتمون بالتوجيهات والتوصيات والنصائح التي تصدر لهم من أكثر الآباء والأمهات !
وهم في دون الخامسة والعشرين من أعمارهم لا يكترثون بعدم حصولهم على الوظائف والأعمال ! وهم في دون الخامسة والعشرين من أعمارهم غير جاهزين ولا مستعدين لخوض غمار الزواج وتكوين الأسر والعوائل الكريمة !
يقدم الآباء والأمهات   كل الجهود الطيبة الجميلة المميزة والرائعة حتى تتشكل وتتكون لدى الأولاد من البنين والبنات تصورات وأفكار وقناعات مختلفة ومتباينة عن أنفسهم وعن. الحياة الجميلة. وعن أدوارهم ومسؤولياتهم ومع ذلك فمن أولادنا. دون الخامسة والعشرين من يفهم أن  كل ما يقدمه الآباء والأمهات وخصوصاً بعد الحصول  على الشهادة الجامعية  وأصبحوا كباراً ورجالاً ونساء هو  من باب الدعم والمساندة والتحفيز والتشجيع  الباقي المستمر مدى. الحياة الجميلة. ! ولا يفهمون أن عليهم أن ينطلقوا في ميدان الحياة الجميل والكبير  ويقدموا   أنفسهم  للحياة العملية بالعمل والاجتهاد والإبداع والتميز والنجاح.
وهناك بعض الفئام من أولادنا دون الخامسة والعشرين يحصلون على الشهادات الجامعية ويرفضون الالتحاق بالعمل  ؛ ويفضلون  البقاء والاستمرار مع الآباء والأمهات  وهم متعلقون متمسكون  بذلك ، لا  يرغبون في الاستقلال أو الخروج لمنافسة  الآخرين في ميادين الحياة الواسعة والمختلفة.
لذلك علينا معاشر الآباء ومعاشر الأمهات الوقوف أمام تلك الظاهرة التي قد تأخذ أولادنا إلى وجة غير حميدة ! وذلك بالجلوس معهم والحديث والحوار عن المرحلة المهمة التي هم بها ؛ وأن عليهم القيام بالواجبات والمهام والأدوار والمسؤوليات تجاه ربهم وتجاه وطنهم  وتجاه أنفسهم وأهلهم  في رحلة الحياة العظيمة والجميلة…

المصلح والمستشار الأسري

د. سالم بن رزيق بن عوض

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى