أنقى من الماء

الرثاء، كما يقال، هو صوت القلب حين يفيض حزنا، وهو مداد المشاعر الصادقة التي تخطها الأقلام وفاء لمن رحلوا، ولكن ذكراهم لا ترحل.
وعندما يكون الفقيد رجلا كرس حياته للعطاء، وترك أثرا خالدا في القلوب، فإن الكلمات تجد طريقها لتخلد سيرته، وتبقي مآثره حية في وجدان محبيه.
في هذه القصيدة، أكتب بحروف من صدق وإحساس عميق كلمات رثاء تفيض بالمحبة والوفاء في فقيدنا الغالي العم صالح بن سعيد بن عبدالله العوفي، رحمه الله وغفر له، الذي توفي في آخر جمعة من شعبان.
كلمات تنبض بالحزن، وتعكس مكانة الفقيد في قلوبنا.
استذكر فيها خصاله النبيلة، وسيرته العطرة التي ستظل محفورة في ذاكرتي وذاكرة من عرفوه.
بشير سالم الصاعدي
أنقى من الماء
إنّــي أتـيـتُ وفـي دمـي إعـصارُ
وعـلـى شـفـاهِ حـروفي الأعـذارُ
فـالأبـجدية فــي رثـائك سـيّدي
حــــرفٌ يـــذوبُ وآخـــرٌ يـنـهـارُ
يا صالح الكلماتُ تخذلُ رغبتي
فـالـشـعرُ عـنـد جـراحِـنا غــدّارُ
تـمضي مـن الـدنيا كأنك نسمةٌ
لـكن فـقدَك فـي الـجوانح نـارُ
لــو أنـنـي حـاولتُ أبـلغ قـدركم
سـيطولُ يـا أبـا أحـمد الـمشوارُ
أنقـى من الماء الـزلالِ مسيــرةً
لــك سـيـرةٌ تـاقـتْ لـها الأزهـارُ
لـي فـيك ألـفُ حـكايةٍ وحـكايةٍ
سـيـشيبُ منها الـلـيلُ والـسمّارُ
قـد تـنثني رُكـبُ الـكلام مـهابةً
ويـجفُ ضرعُ قصيدتي المدرارُ