كُتاب الرأي

( أبخرة بشار الكيماوية)

 

 

كانت فظائع بشار وإنتهاكاته التي أُرتكبت في حق الشعب السوري منذ إندلاع الأزمة ، وقبل مايزيد عن خمسة عشر عاماً حتى الى أقل من اسبوعين مضت ، هي الأكثر إجراماً وترويعاً في التاريخ ، وقل أن يوجد مثيل لها في العالم وبتلك الصورة والمنظور المدمر للحجر ، والبشر .
استخدم النظام السوري كافة أنواع وطرق التعذيب لتركيع الشعب السوري المنتفض ، ومنعه من تحقيق حريته التي بذل فيها هذا الشعب أغلى مايملك من شبابه ، وقياداته ، وحريته ، وقيمه الإنسانية والاجتماعية ، والنفسية ، لتحقيق بعض ماكان يصبوا اليه من حقوق في دولة بشار البوليسية .
عمل نظام الأسد على إستقدام المليشيات الإرهابية من شيعة ايران ، وحزب اللات ، وشيعة افغانستان ، والباكستان ، ولم يترك نظام الاسد أي عدواً للاسلام مالم يستقدمه ، ويستجلبه لقتال شعبه ، وإهدار دمه مقابل بقائه على كرسي الرئاسة.
لم يكتفي بشار ، وأسرته ، وقياداته المجرمة بذلك ، بل عملت على استخدام غاز السارين ضد المواطنيين السوريين الأبرياء ، في الكثير من المدن ، والمحافظات السورية ، وفي أوقات مختلفة من الأزمة السورية ، فقتلت الكثير من أبناء الشعب السوري ، ومن مختلف فئاته بدون رحمة ووجل ، وكانت تلك الجرائم محل إنتقاد كافة دول العالم ، وخاصة من تدعي الحرية والسلام وبالتحديد الدول الاوربية والأمريكية، التي للاسف لم يرف لها جفناً في إيقاف تلك المجازر المرتكبة من نظام بشار تحت أعين العالم كله ، ولعلنا نتذكر الخطوط الحمراء التي رسمها الرئيس الامريكي الأسبق (أوباما ) ضد بشار ، وحكومته عند تجاوزها استخدام تلك الغازات الكيماوية المبيدة للشعب السوري ، وتراجعه للاسف (أوباما ) لاحقاً في موقف أذهل العالم كله ، وعن كيفية تراجع الحكومة الامريكية عما قطعته على نفسها للدفاع عن الشعب السوري المضطهد من حكومته المجرمة التي يقودها بشار .
بالطبع أعطى ذلك التراجع الامريكي بشار ، وحكومته دافعاً قوياً في الاستمرار في تدمير الشعب السوري ، وقتله وتهجيره ، وتدميره ، وإستخدام تلك الغازات المحرمة دولياً ، بل زاد حدةً بإستخدام البراميل العمياء المتفجرة التي كانت تسقطها طائرات النظام على مختلف الأحياء في المدن السورية ، وكانت تستغل الأوقات التي يتواجد فيها سكان المدن المستهدفة بمنازلهم ، وغالباً ماتكون أثناء فترة المساء وهجوع المواطنيين لمنازلهم ، لزيادة الضحايا من المواطنيين الأبرياء.
أعقب ذلك وعندما كان النظام على وشك السقوط ، تدخل الرئيس بوتين الذي شعر بضعف الموقف الأمريكي المعول عليه عالمياً حينذاك ، من أجل إيقاف مجازر بشار وحكومته الارهابية ، وإستغل بوتين ذلك الضعف الامريكي ، ودخل بخيله وخيلائه ، وبنى قواعده في طرطوس ، وأكمل مابقي من تدمير سوريا بطائراته ومقاتلاته وصواريخه التي تشاركت مع براميل الاسد في قتل ، وتشريد الشعب السوري وتدميره .
ماحدث في سوريا لايمكن بأي حال تصوره، وخاصة بعدما تكشفت تلك الممارسات الاجرامية ضد هذا الشعب ، في كل نواحي الحياة ، من سجون ، وإضطهاد ، وقتل ، وتهجير وتشريد ، وتكميم أفواه ، الخ ، وهي محاولات من النظام لايمكن أيضاً تصديقها ، ولأي جهة كان سيذهب ذلك النظام بشعبه ! ، وعما اذا كانت خططه القضاء على المكون السوري السني الكبير الذي يمثله في سورياً ! ، والإكتفاء بمكونه العلوي ، والشيعي المجنس من شيعة ايران ،وزينبيوا ، وفاطميوا افغانستان ، وباكستان ، أم ماذا!؟
الآن على القيادة الجديدة في سوريا العمل على ضبط الوضع ، وإحلال السلام ، وإعادة بناء ، وإرساء الامن في الدولة ، وبناء علاقة جيدة مع بقية المكونات السورية ، واستيعابها ، وخاصة منها الكردية التي كانت تعاني نفس المعاناة ، وممن لم تتلطخ يده بالدماء السورية البريئة ، والعمل على نأي الحكومة عن الأجندة القطرية والتركية ، ومحاسبة كل من تعامل مع ايران وحزب اللات في قتل السوريين ، وكذلك من الطائفة العلوية الذي كان له دور في ديمومة ذلك النظام الاسدي وإجرامه .
من المهم جداً أن يتنبه القائمون على الحكومة السورية الجديدة للدور الايراني الخطير الذي لن يهدأ له بالاً ، ومحاولة العودة لسوريا لأنها تشكل لديهم منعطفاً كبيراً في مدها الشيعي في المنطقة ودول المماتعة ، وربما تعود بإستخدام القاعدة وداعش ، والمنظمات الارهابية لسوريا ، فهذه الدولة لديها الخبرة والقدرة على السيطرة على هذه المنظمات الارهابية ، وهي من تحميها ، وتؤي عناصرها ، وليس من البعيد العودة لسوريا من خلال هذه المنظمات ، واستخدامها كجسر عبور للعودة لدمشق ، وإثارة الوضع فيها ، بل قلب النظام الجديد ، واحالة سوريا الى ساحة حربٍ وارهاب !؟ تديرها ايران وحزبها في لبنان ، كما أنه من المهم قطع الحبل السري عن حزب اللات وايران في لبنان من خلال سوريا ، والتنسيق مع حكومة لبنان المهترئة في جلب كل من له علاقة بالمشاركة مع النظام السوري البائد في تعذيب السوريين وقتلهم ، وهي خطوة تمنح لبنان القدرة على ادارة دولتهم وتقزيم نبيه بري العميل الايراني الكبير في لبنان ، بل التأكيد عما اذا كان له علاقة في نشاط الحزب في سوريا ، والمطالبة برأسه إن ثبت ذلك !؟ من المهم أيضاً أن تحاول هذه السلطة الجديدة بناء جسور ود ومحبة وصداقة ، وطلب مشورة ، ومساعدة المملكة العربية السعودية التي ُتصدق في مواقفها ، وأقوالها مع الاشقاء العرب ، ولا تداهن أي نظام لتحقيق مصالح خاصة بها ، أو تساوم على مواقفها كما يشهده العالم العربي من خلال معالجاته لملفات مختلفة في المنطقة .
من المهم جداً أن تقوم الجامعة العربية بعقد لقاءاتها الان ، لإستيعاب الموقف ، والإعتراف بالحكومة السورية الجديدة ، ومناقشة التدخلات الاسرائيلية ومساعدة حكومة سوريا في إيقاف تلك التدخلات ، وإعادة الوضع على ماكان عليه من السابق ، وللتذكير يجب أن لا ننسى أن هذه الثورة المجيدة التي نسأل الله أن يوفق قادتها ورموزها لمايحبه ، ويرضاه ، وأن تكون مسيرتها لما فيه خير سوريا والعرب والاسلام ، أقول أن لهذه الثورة الفضل الكبير بعد الله سبحانه وتعالى في أنها قطعت ذيل ايران في سوريا ، بل طردت ايران ودورها المخرب من سوريا ، وهو فضل من الله عزوجل ، والامر الثاني هو كشف مصانع المخدرات التي كانت تُغرق المنطقة ، وتشرف عليها اسرة الاسد المجرمة ، وقُطع دابر ذلك بمشيئة الله ، وهو أمر يحمد لهذه القيادة ، وهناك أمور ربما تكون أكبر وأكثر وقد تكشفها الأيام القادمة ربما أنها كانت تستهدف الأمن القومي العربي ، وهو ليس ببعيد ، خاصة وأن نظام الأسد نظام مأجور وعميل لأعداء الأمة العربية.
وفي السياق ذاته ومع كل هذه المحاولات والإجراءات التي ستتم ، مع ما يجب على سلطة دمشق الجديدة المسارعة في اتخاذها ، والعمل على مباشرتها ، وتقييم موقفها من الدول المحيطة بها ، وإتخاذ مواقف سياسية بناءةٍ ، ولعل منها تغيير رئاسة الحكومة بعد مارس القادم ، ووضع شخصية بعيدة عن تنظيم الاخوان المسلمين على رأس حكومة جديدة تعيد بناء سوريا على أواصر طيبة مع محيطها العربي ، وبعيدة عن الأجندات الدولية ومنها التركية ، والإقليمية ومنها القطرية ،وخلافها التي لاتريد خيراً بسوريا الجديدة .

 

محمد سعد الربيعي

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى